رسول الله ﷺ طرفي النهار. ودخل أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بجوار أمية. ودخل مصعب بن عمير بجوار النضر بن الحارث بن كلدة، ويقال بجوار أبي عزيز بن عمير، أخيه. ودخل الزبير بن العوام بجوار زمعة بن الأسود. ودخل عبد الرحمن بن عوف بجوار الأسود بن عبد يغوث. ودخل عثمان بن مظعون الجمحي بجوار الوليد بن المغيرة المخزومي، فمكث في ذمته ما شاء الله، ثم قال: واعجبا، أأكون في ذمة مشرك؟ ذمة الله أعزّ وأمنع. فأتاه، فسأله أن يتبرّأ منه، فقال: يا بنيّ، هل رأيت إلا خيرا؛ هل أصابك أحد بسوء؟ وكان لبيد بن ربيعة الكلابي ينشد قوله:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
فقال: صدقت. فلما قال:
وكل نعيم لا محالة زائل (١) …
قال: كذبت؛ نعيم الجنة لا يزول. فقال لبيد: يا معشر قريش:
والله ما كانت مجالستكم سبّة، ولا كان السفه من شأنكم. فقالوا له: إن هذا غلام سفيه، مخالف لدين قومه. فقام بعض بني المغيرة، فلطم عين عثمان بن مظعون، فضحك الوليد بن المغيرة للشماتة ونظر إلى عين عثمان قد اخضّرت، فقال: ما كان أغناك عن هذا يا بني؟ فقال عثمان: ما أنا بغنيّ عنه، لأنه ذخر لي عند الله؛ وإن عيني الصحيحة محتاجة إلى مثل ما نال صاحبتها. فقال: لقد كنت في ذمة منيعة، فعد إلى جواري فإنك لا ترام فيه. فقال: والله لا أعود في جوار غير جوار الله أبدا، ووثب سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه إلى الذي لطم عين عثمان، فكسر أنفه، فكان ذلك أول دم أريق في الإسلام. والثبت أن الذي لطم عين عثمان: عثمان بن