للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيضا إلى عبد الرحمن: إسحاق بن محمد بن الأشعث، في جند آخر، وكتب إليه: «إن توقفت عن المسير في بلاد العدو، وليت إسحق بن محمد بن الأشعث جندك، وصيرتك من تحت يده كبعض أهل المصر.

فأظهر خلع الحجاج وقال أيها الناس إني والله لكم ناصح، ولصلاحكم محب، وفيما يعمكم نفعه ناظر، وقد استشرت ذوي أحلامكم والتجربة منكم، فأشاروا عليّ بما علمتم من ترك التوغل في بلاد العدو، وإن الحجاج كتب إليّ بإنكار ذلك وكراهته إياه، وأمرني أن أتوغل بكم تغريرا لجماعتكم، كما غرر بإخوانكم بالأمس، فقالوا: لا بل نأبى على عدو الله ﷿ أمره ولا نسمع له ولا نطيع، فإن ابن أبي رغال لا يريد بنا خيرا، وعقد لمن وثق به، وحل ألوية من أبى منهم، وافتعل كتابا من الحجاج في تولية قوم، وعزل آخرين، ليفسد قلوبهم، وكانوا وجوها أشرافا.

قالوا: وكان أول من تكلم عامر بن واثلة الكناني، وكان خطيبا شاعرا: فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: أما بعد، فإن الحجاج والله ما يرى لكم إلا ما يرى القائل الأول: احمل عبدك على الفرس فإن هلك هلك، وإن نجا فهو لك، والله ما يبالي أن يخاطر بكم فيقحمكم بلادا كثيرة اللهوب والعقارب والأشب، فإن ظفرتم وغنمتم جبى وحاز الأموال، وإن ظفر بكم كنتم الأعداء البغضاء، فاخلعوه وبايعوا أميركم فأني والله أوّل خالع للحجاج عدو الله.

ثم قال عبد المؤمن بن شبث بن ربعي: إنكم إن أطعتم الحجاج جعلها بلادكم ما بقيتم وجمركم تجمير فرعون لجنده، والله ما يبالي أن تهلكوا