للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن قيامك بهذا الأمر أعن رضى من المسلمين ومشورة كان أم ابتززتم إمرتهم؟ قال: ما سألتهم الولاية عليهم ولا غلبتهم على مشيئتهم، وعهد إلي رجل عهدا لم أسأله الله قط لا في سر ولا علانية، فقمت به ولم ينكره عليّ أحد، ولم يكرهه غيركم، وأنتم ترون الرضا بكل من عدل وأنصف من كان من الناس فانزلوني ذلك الرجل، فإن خالفت الحق، وزغت عنه فلا طاعة لي عليكم.

قالا: بيننا وبينك أمر واحد. قال: وما هو؟ قالوا: رأيناك خالفت أعمال أهل بيتك وسميتها مظالم وسلكت غير طريقهم فإن كنت على هدى وهم على ضلالة فالعنهم وابرأ منهم، فقال عمر: قد علمت أنكم لم تخرجوا طلبا للدنيا ولكنكم أردتم الآخرة فأخطأتم طريقها، إن الله لم يبعث رسوله لعّانا، وقال إبراهيم: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١) وقال الله: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ﴾ (٢) وقد سميتم أعمالهم ظلما وكفى بذلك لهم ذمّا ونقصا، فابلوا الله حسنا فيما آتاكم ودعوا ما فاتكم، فليس لعن أهل الذنوب فريضة لا بدّ منها، فإن قلتم إنها فريضة فاخبرني أيها المتكلم متى لعنت فرعون؟ قال: ما أذكر متى لعنته. قال:

أفيسعك ألا تلعن فرعون وهو أخبث الخلق وشرهم، ولا يسعني إلا لعن أهل بيتي وهم مصلّون؟ قال: أو ما هم كفار بظلمهم؟ قال: لا لأن رسول الله دعا الناس فكان من أقرّ بالإيمان وشرائعه قبل منه، فإن أحدث حدثا أقيم عليه


(١) سورة ابراهيم - الآية:٣٦.
(٢) سورة الأنعام - الآية:٩٠.