للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سماك بن حرب عن مصعب بن سعد قال: كان رأس أبي في حجري فدمعت عيناي فقال: ما يبكيك أي بني؟ قلت: ما أرى بك. فقال: لا تبك فإن الله لا يعذبني، إني من أهل الجنان، إن الله يدين المؤمنين بحسناتهم فليطلب كل عامل ثواب عمله ممن عمله له، وأما الكفار فيخفف عنهم بحسناتهم (١).

حدثنا عباس بن الوليد النرسي عن أبي عوانة عن مغيرة عن الشعبي أن سعدا أكرم شرحبيل بن السمط الكندي وفضله على الأشعث فغضبت كندة لذلك، ووجّهه (٢) سعد على جيش فقال: من أتى حدّا في الجاهلية فليأتني أطهّره، فجعل الرجل يأتيه فيقول: عملت كذا وكذا فيجلده فبلغ ذلك عمر، فقال: لا يتأمّر على اثنين ما بقيت. هتك أستار المسلمين.

وقال أبو الحسن المدائني: كان بين الأشعث وشرحبيل بن السمط الكنديين تباعد، فوفد جرير بن عبد الله البجلي إلى عمر فقال له الأشعث:

إن قدرت أن تنال من شرحبيل عند عمر فافعل، وكان شرحبيل قد شرف بالكوفة، فلما قدم جرير على عمر سأله عن الناس، فقال: هم كالقداح في حفيرها، فمنها الأعصل الطائش والمقوّم الصائب، وسعد ثقافها يقيم أود ذي الأود منها، ويغمز عصل ذي العصل، وقد قال القائل:

ألا ليتني والمرء سعد بن مالك … وزبراء وابن السمط في لجّة البحر

فيغرق أصحابي وأخرج سالما … على ظهر قرقور أنادي أبا بكر

فقال: قد فعلها فكيف طاعة الناس له؟ قال: يقيمون الصلاة


(١) طبقات ابن سعد: ج ٣ ص ١٤٦ - ١٤٨.
(٢) بهامش الأصل: يعني شرحبيل.