لقد سرت إليك أريد استئصالكم. فأراك قد اعتصمت بالخندق، وكرهت لقاءنا. ولك مني يوم كيوم أحد». وبعث بالكتاب مع أبي أسامة الجشمي.
فقرأه على النبي ﷺ أبيّ بن كعب.
وكتب إليه رسول الله ﷺ:«قد أتانا كتابك، وقديما غرّك يا أحمق بني غالب. وسفيههم بالله الغرور. وسيحول الله بينك وبين ما تريد، ويجعل لنا العاقبة. وليأتين عليك يوم أكسر فيه اللات والعزّى وساف ونائلة وهبل يا سفيه بني غالب».
- وكانت طلائع المشركين تطيف بالمسلمين رجاء أن يصيبوا منهم غرّة. فربما تراموا بالنبل والحجارة، واجتمع المشركون يوما، فالتمسوا أن يهجموا خيلهم على المسلمين. فأكرهت جماعة منهم خيلهم، فعبرت الخندق. وكان فيهم عمرو بن عبد ودّ بن أبي قيس، من بني عامر بن لؤي، فبارزه علي ﵇ فقتله. ويقال إنه جرح عليا على رأسه.
ويقال إن عليا لم يجرح قطّ. ونجا أصحاب عمرو إلا رجلا سقط في الخندق فتكسر، ورماه المسلمون حتى مات. ثم غدا المشركون في اليوم الثاني جميعا لم يتخلف منهم أحد، فقاتلهم المسلمون من وراء الخندق. ثم إن الله ﵎ نصر المسلمين عليهم بالريح، وكانت ريحا صفراء فملأت عيونهم، فداخلهم الفسل والوهن. وانهزم المشركون وانصرفوا إلى معسكرهم.
ودامت الريح عليهم؛ وغشيتهم الملائكة تطمس أيضا أبصارهم.
وكان نعيم بن مسعود الأشجعي خرج من المشركين، فأسلم وجعل يخذّل المشركين ويسعى بينهم بما فيه تفريق كلمتهم وألفتهم وصدع شعبهم.
فبلغ من ذلك ما التمس بعون الله وتوفيقه (١)، وألقى الله بينهم الاختلاف.
(١) - تعارض هذه الرواية بما أورده الزهري في مغازيه ص ٨٠.