للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت غطفان وسليم: والله لمحمد أحبّ إلينا وأولى بنا من يهود؛ فما بالنا نؤذيه وأنفسنا؟ وكانت تلك السنة سنة مجدبة. فجهدوا، وأضرّ مقامهم بكراعهم. فانصرفوا وانصرف الناس. ﴿وَ رَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَ كَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ *﴾ (١). وكان حصار المسلمين في الخندق خمسة عشر يوما. وكان خليفة رسول الله في غزاة الخندق ابن أم مكتوم.

وحدثنا أبو عبيد، ثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري قال:

كانت وقعة الأحزاب بعد أحد بسنتين، وذلك يوم حفر الخندق.

ورئيس الكفار يومئذ أبو سفيان بن حرب. فحاصروا رسول الله بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى المسلمين الكرب. فقال رسول الله ، كما أخبرني سعيد بن المسيب: «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشاء ألا تعبد». وأرسل رسول الله إلى عيينة بن حصن، وهو يومئذ رئيس الكفار من غطفان وهو مع أبي سفيان، يعرض عليه ثلث ثمر نخل المدينة على أن يخذّل الأحزاب، وينصرف بمن معه من غطفان. فقال عيينة: بل أعطني شطر ثمرها حتى أفعل ذلك. فأرسل رسول الله إلى سعد بن معاذ وهو سيد الأوس، وإلى سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، فقال: «إنّ عيينة قد سألني نصف ثمر نخلكم على أن ينصرف بمن معه من غطفان ويخذّل بين الأحزاب، وإني أعطيته الثلث، فأبى إلا النصف [فما تريان]»؟ فقالا: يا رسول الله إن كنت أمرت بشيء فافعله. فقال : «لو


(١) - سورة الأحزاب الآية:٢٥.