للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل رسول الله مكة، وعليه عمامة سوداء، ولواؤه أسود. وأمر رسول الله بالأصنام فهدمت، وبالصّور التي كانت في الكعبة فمحيت، وأمر بلالا، حين جاءت الظهر، فأذّن على ظهر الكعبة، وقريش فوق الجبال: منهم من يطلب الأمان، ومنهم من قد أومن. فلما قال: «أشهد أن محمدا رسول الله»، قالت جويرية بنت أبي جهل: لقد أكرم الله أبا الحكم حين لم يسمع نهيق ابن أم بلال فوق الكعبة. ويقال إنها قالت: لقد رفع الله ذكر محمد؛ وأما نحن فسنصلي، ولكنا لا نحبّ والله من قتل الأحبة أبدا. وقال خالد بن أسيد بن أبي العيص: الحمد لله الذي أكرم أبي فلم ير هذا اليوم، ولم يسمع هذا الصوت. وقال الحارث بن هشام: واثكلاه، ليتني متّ ولم أسمع نهيق ابن أم بلال على الكعبة. وهذا أثبت مما روى عن جويرية، ويقال إنّ عكرمة بن أبي جهل قال: لقد أكرم الله أبا الحكم حين لم يسمع نهيق ابن أم بلال على الكعبة.

وقيل لرسول الله : ألا تنزل منزلك من الشعب؟ فقال : وهل ترك لنا عقيل من رباع؟ وكان عقيل باع منزل رسول الله ومنازل إخوته من الرجال والنساء. ونظر رسول الله ، وأبو بكر يسايره، إلى بنات أبي أحيحة سعيد بن العاص بن أمية يلطّمن وجوه الخيل بالخمر وقد نشرن شعورهن، فتبسم وقال: يا أبا بكر كيف قال حسان بن ثابت؟ فأنشده:

تظلّ جيادنا متمّطرات … تلطّمهنّ بالخمر النساء (١)

وكان حماس [بن قيس] (٢) بن خالد الدّيلي قال لامرأته حين أظلهم رسول الله : لآتينك بخادم منهم، فلما جاء منهزما، قالت هازئة به:


(١) - ديوان حسان ج ١ ص ١٧.
(٢) - زيد ما بين الحاصرتين من سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٨٥٩.