للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي يراد به الترهيب، إني لأعلم أنها عجاجة ثارت يا بني اللكيعة، وعبيد العصا، وأولاد الإماء، ألا يربع الرجل منكم على ظلعه، ويبصر موضع قدمه، ويحسن حمل رأسه، فوالله ما أظن الأمر يتناهى بي وبكم حتى أوقع بكافتكم وقعة تكونون بها ﴿نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها﴾ (١) الفتنة تلقح بالشكوى، وتتم بالنجوى، وتنتج بالهلع.

قالوا: وأتي الحجاج بخليفة بن خالد بن الهرماس، وكان ممن خرج عليه فقال له: من أنت؟ قال: أحد الفجرة الكفرة فقال: خلّوا سبيله، فقال سويد بن صامت العجلي: هذا القائل:

فله حجاج بن يوسف حاكما … أراق دماء المسلمين بلا جرم

فأمر به فقتل.

ومرض الحجاج فأرجف به، فلما أفاق خطب فقال: يا أهل العراق، ويا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق، تقولون مات الحجاج ومات الحجاج، فمه والله ما أحب ألا أموت، وما أرجو الخير كله إلا بعد الموت، وهل رأيتم الله اختار الحياة إلاّ لشر خلقه وأهونهم عليه إبليس، ولقد سأل العبد الصالح ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، ثم اضمحلّ، فكأن لم يكن، أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، لكأني بكل امرئ منا ومنكم قد نقل في ثياب طهره إلى ضيق قبره فوضع في ثلاث أذرع طولا في ذراعين عرضا فأكلت الأرض شعره وبشره وامتصّت صديده


(١) سورة البقرة - الآية:٦٦.