للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شواء، وسمكة، وجرة فيها لبن، وجرة فيها عسل، وكان له طعام بعد ذلك في كل يوم يعشي ولا يغدي ولا يطعم إلاّ شاميا.

ويقال إن الحجاج كان يطعم في شهر رمضان وغيره كل يوم ألف خوان، على كل خوان أربعون رغيفا، وجفنة ثريد، وجنب شواء، وأرزة، وسمكة وخلّ وبقل. وكان يحمل في كرسيّ فيدور على الأخاوين، فينظر إلى الطعام فيقول: هل تفقدون شيئا أو ترون تقصيرا؟ فيقولون:

لا. فقال رجل يوما: ما نفقد أيها الأمير شيئا إلاّ المرق فإنه قليل، فضرب صاحب طعامه وقال: ويلك يشكو قلة المرق، وأنت بين دجلة والزابي.

فأهل بيت هذا الرجل بالشام يقال لهم بنو المرق.

وقال المدائني: أرسل الحجاج أبا بردة بن أبي موسى إلى أسماء بن خارجة: إن عبد الملك بن بشر بن مروان من أبناء الملوك، وقد شبّ واحتاج إلى التأديب، وقد أعددت له مؤدبا ومنزلا ولا بدّ من التفرقة بينه وبين أمه، يعني هند بنت أسماء. قال أبو بردة: فدخلت على أسماء وهو يتغدى وهند وعبد الملك يأكلان معه، فدعاني إلى غدائه فلم أفعل، وجعلت هند تعابثني وتضحك، فقلت: أما والله لو تعلمين في أي شيء جئت كان مكان ضحكك بكاء. قال: فأبلغت الرسالة، فبكت وقال أسماء: إنما عبد الملك ثمرة قلوبنا وأنسنا، وأمر الأمير طاعة. فأبلغت الحجاج ذلك، فأرسل إلى هند بثلاثين غلاما، مع كل غلام عشرة آلاف درهم وبثلاثين جارية مع كل جارية طخت من ثياب، فأمر لي أسماء بثلاثين ألفا وبثياب، فلم أقبل ذلك وقلت: ليس الحجاج ممن يتعرض له وأتيت الحجاج فأعلمته، فقال: قد أحسنت ولك ضعف ذلك فأعطاني ستين ألفا وضعف الثياب.