للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منا إليك لكنت كرجل من قومك، ولولا ما صنع الله لنا ولك بنا ما كنت بالعراق شيئا.

فقال الغازي ذلك للوليد، ودخل الحجاج ذات يوم على الوليد، فعظّم أمره وبلاءه، وما كان منه في أمر أهل العراق حين عصوه، فردّ عليه الوليد ما ألقى إليه الغازي فانقطع الحجاج، وقال في نفسه: ما هذا كلام الوليد فمن أخصّ الناس به؟ قالوا: الغازي. قال: وما هو بكلام يمان، قالوا: فعباد بن زياد، قال: هو كلامه وهو صاحبي، فجفا عبادا وحجبه حين أتاه، فشكا ذلك إلى الوليد فقال له: يا حجاج أتستخف بمشايخ بني عبد شمس؟ فأذن لعباد وقال له: أصالحك صلحا دملجا (١)، وقال الراجز:

قد أمر الأمير بالإدلاج … قلت لأصحابي ولم أداجي

هلمّ هاتوا صفة الحجاج … كأن عينيه من الزجاج

كأن ساقيه عمود ساج

قالوا: ودخل ما عز بن ضمرة الحارثي على الحجاج فكلمه فقنعه الحجاج، فقال: مه، بانتهار.

قالوا: واستسقى قبيصة بن برمة يوما عند الحجاج فأتي بإناء صغير فشرب، ثم قال: قبح الله الإناء إذا لم يكن عظيما يروي صاحبه، ويفضل عن ريّه.


(١) الدملج: المعضد، والدملاج: تسوية صنعة الشيء، والدماليج: الأرضون الصلاب - القاموس.