للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وقتل سائب يوم الحرة مع أهل المدينة، فمر به رجل من قريش فركضه برجله وقال: إن هاهنا لحنجرة حسنة، وايقاعا مصيبا، ولقد كنت تحكمين:

لمن الديار رسومها قفر.

فرحمك الله.

قال عباس بن هشام عن أبيه والحرمازي: سمي سائب خاثر، لأنه غنى صوتا ثقيلا، فقال: هذا غناء خاثر غير ممذوق وقال المدائني عن محمد بن عامر: عاتب معاوية عبد الله بن جعفر على الاستهتار بالغناء والطرب، فدخل عليه يوما ومعه بديح المليح، مولى آل الزبير ويقال مولاه، فلما كان على باب البيت الذي فيه معاوية قال: يا بديح قل، فتغنى وجعل يقرع حلقة الباب ويوقع بها، وجعل معاوية يحرك رجليه، فقال عبد الله: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إن الكريم طروب.

- وحدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن عدة من أهل الحجاز، قالوا: قدم معاوية المدينة، فأمر حاجبه أن يأذن للناس، فخرج فلم ير أحدا، فأعلمه قال: فأين الناس؟ قيل: عند عبد الله بن جعفر في مأدبة له، فأتاه معاوية، فلما جلس قال بعض المدنيين لسائب خاثر: لك مطرفي إن غنيت ومشيت بين السماطين، ففعل وغنى بشعر حسان بن ثابت:

لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضحى … وأسيافنا يقطرن من نجدة دما (١)

فأعجب معاوية ذلك واستحسنه وأخذ السائب المطرف.


(١) - ديوان حسان ج ١ ص ٣٥.