أن أجيره فأخذتني لذلك ذمامه. قال: فأتني به لتتلافى الذي فرط من سوء رأيك فأبى فقال: والله لئن لم تأتني به لأضربن عنقك. قال: والله لئن ضربت عنقي لتكثرن البارقة حول دارك. فأمر به فأدني منه فضرب وجهه بقضيب أو محجن كان معه، فكسر أنفه، وشق حاجبه، ثم أمر به فحبس في بعض بيوت الدار.
وأتى مسلما خبر هانئ فأمر أن ينادى في أصحابه وقد تابعه ثمانية عشر الف رجل، وصاروا في الدور حوله؛ فلم يجتمع إليه إلاّ أربعة آلاف رجل، فعبأهم ثم زحف نحو القصر؛ وقد أغلق عبيد الله بن زياد أبوابه وليس معه فيه إلا عشرون من الوجوه وثلاثون من الشرط، فوجه محمد بن الأشعث بن قيس، وكثير بن شهاب الحارثي، وعدة من الوجوه ليخذلوا الناس عن مسلم بن عقيل والحسين بن علي، ويتوعدونهم بيزيد بن معاوية وخيول أهل الشام، وبمنع الأعطية، وأخذ البريء بالسقيم، والشاهد بالغائب فتفرق أصحاب ابن عقيل عنه؛ حتى أمسى وما معه إلا نحو من ثلاثين رجلا، فلما رأى ذلك خرج متوجها نحو أبواب كندة، وتفرق عنه الباقون حتى بقي وحده يتلدد في أزقة الكوفة ليس معه أحد ودفع إلى باب امرأة يقال لها طوعة، فاستسقى ماء فسقته ثم قال: يا أمة الله أنا مسلم بن عقيل بن أبي طالب، كذبني هؤلاء القوم وغروني فآويني. فأدخلته منزلها وآوته وجاء ابنها فجعل ينكر كثرة دخولها إلى مسلم وخروجها من عنده، فسألها عن قصتها فأعلمته إجارتها مسلما، فأتى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فأخبره بذلك، وكان ابن زياد؛ حين تفرق عن ابن عقيل الناس فتح باب القصر، وخرج إلى المجلس فجلس فيه، وحضره أهل الكوفة،