للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجاء عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث إلى أبيه وهو عند ابن زياد، فأخبره خبر ابن عقيل فأعلم محمد بن الأشعث ابن زياد بذلك، فوجّه ابن زياد من الوجوه من يأتيه به؛ وفيهم محمد بن الأشعث، فلما أحسّ مسلم برسل ابن زياد، خرج بسيفه، واقتحموا عليه الدار، فاختلف هو وبكير بن حمران الأحمري ضربتين، فضرب بكير فم مسلم فقطع شفته العليا، وأسرع في شفته السفلى؛ فنصلت ثنيّتاه، وضرب بكيرا ضربة على رأسه وأخرى على حبل عاتقه.

وأتي به ابن زياد؛ وقد آمنه ابن الأشعث فلم ينفّذ أمانه. فلما وقف مسلم بين يديه نظر إلى جلسائه فقال لعمر بن سعد بن أبي وقاص: إن بيني وبينك قرابة أنت تعلمها، فقم معي حتى أوصي إليك. فامتنع فقال ابن زياد: قم إلى ابن عمك. فقام فقال: إنّ عليّ بالكوفة سبعمائة درهم مذ قدمتها فاقضها عنيّ، وانظر جثتي فاطلبها من ابن زياد؛ فوارها، وابعث إلى الحسين من يردّه. فأخبر عمر بن سعد ابن زياد بما قال له فقال: أما مالك فهو لك تصنع فيه ما شئت، وأما حسين فإنه إن لم يردنا لم نرده، وأما جثته فإنا لا نشفعك فيها لأنه قد جهد أن يهلكنا، ثم قال:

وما نصنع بجثته بعد قتلنا إياه.

وقال الهيثم بن عدي: حدثني ابن عياش عن مجالد، عن الشعبي قال: أدخل مسلم بن عقيل رحمه الله تعالى على ابن زياد، وقد ضرب على فمه، فقال: يا بن عقيل أتيت لتشتيت الكلمة؟ فقال؛ ما لذلك أتيت، ولكن أهل المصر كتبوا أن أباك سفك دماءهم وانتهك أعراضهم، فجئنا