«أما بعد فإن دهاقين بلادك شكوا منك قسوة وغلظة؛ واحتقانا فنظرت فلم أرهم أهلا لأن يدنوا لشركهم، ولم أر أن يقصوا ويجفوا لعهدهم، فالبس لهم جلبابا من اللين تشوبه بطرف من الشدة، في غير ما أن يظلموا ولا ينقض لهم عهد، ولكن تفرغوا لخراجهم ويقاتل من وراءهم، ولا يؤخذ منهم فوق طاقتهم فبذلك أمرتك؛ والله المستعان والسّلام».
وكتب ﵇ إلى قرظة بن كعب:
«أما بعد فإن قوما من أهل عملك أتوني فذكروا أن لهم نهرا قد عفا ودرس، وأنهم إن حفروه واستخرجوه عمرت بلادهم وقووا على خراجهم وزاد فيء المسلمين قبلهم؛ وسألوني الكتاب إليك لتأخذهم بعمله وتجمعهم لحفره والإنفاق عليه، ولست أرى أن أجبر أحدا على عمل يكرهه، فادعهم إليك؛ فإن كان الأمر في النهر على ما وصفوا؛ فمن أحب أن يعمل فمره بالعمل، والنهر لمن عمله دون من كرهه، ولأن يعمروا ويقووا أحب إلي من أن يضعفوا والسلام».
ووجّه ﵇ إلى زياد رسولا ليأخذه لحمل ما اجتمع عنده من المال، فحمل زياد ما كان عنده وقال للرسول: إن الأكراد قد كسروا من الخراج، وأنا أداريهم، فلا تعلم أمير المؤمنين ذلك فيرى أنه إعتلال مني.
فقدم الرسول فأخبر عليا بما قال زياد؛ فكتب إليه:
«قد بلغّني رسولي عنك ما أخبرته به عن الأكراد، واستكتامك إياه ذلك، وقد علمت أنك لم تلق ذلك إليه إلا لتبلغني إياه، وإني أقسم بالله ﷿ قسما صادقا لئن بلغني أنك خنت من فيء المسلمين شيئا صغيرا