للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تخاف سوء الحساب؟ أما تعلم أنك تأكل حراما وتشرب حراما؟ أو ما يعظم عليك وعندك أنك تستثمن الاماء وتنكح النساء بأموال اليتامى والأرامل والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم البلاد، فاتق الله وأدّ أموال القوم، فإنك والله إلا تفعل ذلك ثم أمكنني الله منك أعذر إليه فيك حتى آخذ الحق وأرده، وأقم (١) الظالم وأنصف المظلوم والسلام».

فكتب إليه عبد الله:

«أما بعد فقد بلغني كتابك تعظم علي إصابة المال الذي أصبته من مال البصرة، ولعمري إنّ حقي في بيت المال لأعظم مما أخذت منه والسلام».

فكتب إليه علي :

«أما بعد فإن من عجب العجب تزيين نفسك لك أن لك في بيت المال من الحق أكثر مما لرجل من المسلمين، ولقد أفلحت إن كان ادّعاؤك ما لا يكون وتمنيك الباطل ينجيك من الإثم، عمرك الله إنك لأنت السعيد إذا.

وقد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا، وصيرتها عطنا، واشتريت مولدات المدينة والطائف، تتخيرهن على عينك، وتعطي فيهن مال غيرك، والله ما أحب أن يكون الذي أخذت من أموالهم لي حلالا أدعه ميراثا، فكيف لا أتعجب من اغتباطك بأكله حراما.

فصخ رويدا فكأنك قد بلغت المدى، حيث ينادي المغتر بالحسرة، ويتمنى المفرط التوبة، والظالم الرجعة، ولات حين مناص، والسلام».


(١) - في هامش الأصل: من الوقم، وهو القهر.