وقال أبو مخنف وغيره: أرسل عمران بن الحصين إلى بني عدي يأمرهم بالقعود عن الفريقين، وقال: لأن أرعى غنما عفرا في جبل حضن (١) أحب إليّ من أن أرمي في الفريقين بسهم. فقالوا: أتأمرنا أن نقعد عن ثقل رسول الله ﷺ وحرمته؟ لا نفعل.
وقال الحارث بن حوط الليثي لعلي: أترى أن طلحة والزبير، وعائشة اجتمعوا على باطل؟ فقال علي: يا حار أنت ملبوس عليك، إن الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال، وبإعمال الظن، إعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف أهله.
قالوا: وزحف علي بن أبي طالب بالناس غداة يوم الجمعة لعشر ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وعلى ميمنته مالك بن الحارث الأشتر النخعي، وعلى ميسرته عمار بن ياسر العنسي وعلى الرجال أبو قتادة النعمان بن ربعي الأنصاري، وأعطى رايته ابنه محمدا - وهو ابن الحنفية - ثم واقفهم من صلاة الغداة إلى صلاة الظهر، يدعوهم ويناشدهم ويقول لعائشة: إن الله أمرك أن تقري في بيتك فاتقي الله وارجعي، ويقول لطلحة والزبير: خبأتما نساءكما وأبرزتما زوجة رسول الله ﷺ واستفززتماها؟! فيقولان: إنما جئنا للطلب بدم عثمان، وأن ترد الأمر شورى.
وكان ميمنة أصحاب الجمل الأزد؛ وعليهم صبرة بن شيمان، وعلى ميسرتهم تميم وضبة والرباب، وعليهم هلال بن وكيع بن بشر بن عمرو بن عدس.