وأتي بالجمل فأبرز وعليه عائشة في هودجها وقد ألبست درعا، وضربت على هودجها صفائح الحديد. ويقال: إن الهودج ألبس دروعا.
فخطبت عائشة الناس فقالت: إنا كنا نقمنا على عثمان ﵀ ضرب السيوط، وإمرة بني أمية وموقع السحابة المحماة، وانكم استعتبتموه فأعتبكم من ذلك كله، فلما مصتموه كما يماص الثوب الرحيض عدوتم عليه فركبتم منه الفقر الثلاث (١): سفك الدم الحرام في البلد الحرام في الشهر الحرام، وأيم الله لقد كان من أحصنكم فرجا وأتقاكم لله.
وحدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي، والحسين بن علي بن الأسود، قالا: حدثنا أبو اسامة حماد بن أسامة، حدّثنا مسعر بن كدام، عن عبد الملك بن عمير:
عن موسى بن طلحة، قال: خطبت عائشة فقالت: اسمعوا نحاجّكم عمّا جئنا له: إنا عتبنا - أو نقمنا - على عثمان في ثلاث: امرة الفتى، وموقع الغمامة، وضرب السيوط والعصا، حتى اذا مصتموه كما يماصّ الثوب الصابون عدوتم عليه الفقر الثلاث: حرمة البلد، وحرمة الخلافة، وحرمة الشهر الحرام، وان كان عثمان لمن أحصنهم فرجا وأوصلهم للرحم.
وقال أبو مخنف وغيره: وأمر علي أصحابه أن لا يقاتلوا حتى يبدأوا، وأن لا يجهزوا على جريح ولا يمثلوا ولا يدخلوا دارا بغير اذن، ولا يشتموا أحدا، ولا يهيّجوا امرأة، ولا يأخذوا إلاّ ما في عسكرهم.
ثم زحف الناس ودنا بعضهم من بعض. وأمر عليّ رجلا من عبد
(١) - في هامش الأصل: الموص الغسل، والفقر: الدواهي.