للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخشوش (١)، ولم تكن لأحد منهم أشد حسدا منك لابن عمتك، وكان أحقهم أن لا تفعل به ذلك لقرابته وفضله، فقطعت رحمه وقبّحت حسنه، وأظهرت له العداوة، وبطنت له بالغشّ، وألبت الناس عليه حتى ضربت آباط الإبل إليه من كلّ وجه، وقيدت الخيل من كل أفق، وشهر عليه السلاح في حرم رسول الله فقتل معك في المحلة وأنت تسمع الهائعة (٢)، لا تدرأ عنه بقول ولا فعل، ولعمري يا بن أبي طالب لو قمت في حقه مقاما تنهى الناس فيه عنه، وتقبح لهم ما انتهكوا منه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا، ولمحى ذلك عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانبة له والبغي عليه.

وأخرى أنت بها عند أولياء ابن عفان ظنينا إيواؤك قتلته فهم عضدك ويدك وأنصارك، وقد بلغني أنك تتنصّل من دم عثمان، وتتبرأ منه، فإن كنت صادقا فادفع إلينا قتلته نقتلهم به، ثم نحن أسرع الناس إليك، وإلا فليس بيننا وبينك إلا السيف، و والذي لا إله غيره لنطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال والبر والبحر حتى نقتلهم أو تلحق أرواحنا بالله والسّلام.

فدفع الكتاب إلى أبي مسلم الخولاني وأمره أن يسير به إلى علي، فصار به إلى الكوفة فأوصله إلى علي واجتمع الناس في المسجد، وقرئ عليهم فقالوا: كلنا قتلة عثمان وكلنا كان منكرا لعمله، ولم يجبه عليّ إلى ما أراد، فجعل أبو مسلم يقول: الآن طاب الضراب. وكتب إليه في جواب كتابه:


(١) - المخشوش: الذي جعل في انفه الخشاش - بكسر الخاء - وهو عويد يجعل في عظم أنف الجمل يشد به الزمام ليكون سريع الانقياد.
(٢) - الهائعة: الصيحة والضجة.