الوشائظ (١)، واضطرونا إلى شعب ضيق، وضعوا علينا فيه المراصد، ومنعونا من الطعام والماء العذب، وكتبوا بينهم كتابا أن لا يواكلونا ولا يشاربونا ولا يبايعونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا أو ندفع إليهم نبينا فيقتلوه أو يمثلوا به، وعزم الله لنا على منعه والذب عنه، وسائر من أسلم من قريش أخلياء مما نحن فيه منهم من حليف ممنوع وذي عشيرة لا تبغيه كما بغانا قومنا، فهم من التلف بمكان نجوة وأمن، فمكثنا بذلك ما شاء الله، ثم أذن الله لرسوله في الهجرة وأمره بقتال المشركين، فكان إذا حضر البأس ودعيت نزال قدّم أهل بيته فوقى بهم أصحابه، فقتل عبيدة يوم بدر، وحمزة يوم أحد وجعفر يوم مؤتة، وتعرض من لو شئت ان اسميه سميته لمثل ما تعرضوا له من الشهادة، لكن آجالهم حضرت ومنيّته أخرت.
وذكرت إبطائي عن الخلفاء وحسدي لهم، فأما الحسد فمعاذ الله ان أكون أسررته أو أعلنته، وأما الإبطاء فما أعتذر إلى الناس منه، ولقد أتاني أبوك حين قبض رسول الله ﷺ وبايع الناس أبا بكر، فقال: أنت أحق الناس بهذا الأمر فأبسط يدك أبايعك. قد علمت ذلك من قول أبيك، فكنت الذي أبيت ذلك مخافة الفرقة؛ لقرب عهد الناس بالكفر والجاهلية، فإن تعرف من حقي ما كان أبوك يعرفه تصب رشدك، وإلا تفعل فسيغني الله عنك.
وذكرت عثمان وتأليبي الناس عليه، فإنّ عثمان صنع ما رأيت فركب الناس منه ما قد علمت وأنا من ذلك بمعزل إلا أن تتجنىّ فتجنّ ما بدالك.
(١) - وشظ القوم إلينا: لحقوا بنا فصاروا معنا وهم قليل. والوشائظ: الأتباع والخدام والأحلاف ولفيف من الناس ليس أصلهم واحدا .. القاموس.