وعمر، وهما عنك راضيان، فإياك أن تفسد دينك بدنيا يسيرة تصيبها من معاوية، فتكبّ كبّا في النار.
ثم قال لمحمد: ما ترى؟ فقال: بادر هذا الأمر تكن فيه رأسا قبل أن تكون ذنبا. فروّى في ذلك:
رأيت ابن هند سائلي أن أزوره … وتلك التي فيها انثياب البواثق
أتاه جرير من علي بخطة … أمرّت عليه العيش مع كل ذائق
فو الله ما أدري إلى أيّ جانب … أميل ومهما قادني فهو سائقي
أأخدعه والخدع فيه دناءة … أم اعطيه من نفسي نصيحة وامق
وقد قال عبد الله قولا تعلقت … به النفس إن لم تعتلقني علائقي
وخالفه فيه أخوه محمد … وإني لصلب العود عند الحقائق
فلما سمع عبد الله بن عمرو هذا الشعر، قال: بال الشيخ على عقبيه وباع دينه، فلما أصبح عمرو دعا مولاه وردان فقال: ارحل بنا يا وردان فرحل، ثم قال: حط، فحط ففعل ذلك مرارا، فقال له وردان: أنا أخبرك بما في نفسك، اعترضت الدنيا والآخرة في قلبك فلست تدرى أيّتهما تختار، قال: لله درّك ما أخطأت، فما الرأي؟ قال: تقيم في منزلك فإن ظهر أهل الدين عشت في دينهم وإن ظهر أهل الدينا لم يستغن عنك، فقال عمرو: ارحل يا وردان على عزم وأنشأ يقول:
يا قاتل الله وردانا وفطنته … أبدى لعمرك ما في النفس وردان
ثم قدم على معاوية فذاكره أمره، فقال: أما عليّ فلا تسوي العرب بينك وبينه في شيء من الأشياء، وإن له في الحرب لحظّا ما هو لأحد من قريش. قال: صدقت، وإنما نقاتله على ما في أيدينا ونلزمه دم عثمان. فقال