عمرو: وإنّ أحق الناس أن لا يذكر عثمان لأنا وأنت، أما أنا فتركته عيانا وهربت إلى فلسطين، وأما أنت فخذلته ومعك أهل الشام حتى استغاث بيزيد بن أسد البجلي فسار إليه، فقال معاوية: دع ذا وهات فبايعني. قال:
لا لعمرو الله لا أعطيك ديني حتى آخذ من دنياك فقال معاوية: سل قال:
مصر تطعمني إيّاها. فغضب مروان بن الحكم وقال: مالي لا أستشار؟ فقال معاوية: اسكت فما يستشار إلا لك. فقام عمرو مغضبا فقال له معاوية: يا أبا عبد الله أقسمت عليك أن تبيت الليلة عندنا. وكره أن يخرج فيفسد عليه الناس، فبات عنده وقال:
معاوي لا أعطيك ديني ولم أنل … به منك دنيا فانظرن كيف تصنع
فإن تعطني مصرا فأربح صفقة … أخذت بها شيخا يضرّ وينفّع
وما الدين والدنيا سواء وإنني … لآخذ ما تعطي ورأسي مقنّع
ولكنني أعطيك هذا وإنني … لأخدع نفسي والمخادع يخدع
فلما أصبح معاوية دخل عليه عتبة بن أبي سفيان فقال له: يا معاوية ما تصنع؟ أما ترضى أن تشتري من عمرو دينه بمصر. فأعطاه إياها وكتب له كتابا: لا ينقض شرط طاعة. فمحا عمرو ذلك وقال: اكتب: لا تنقض طاعة شرطا. فقال له عتبة بن أبي سفيان:
أيّها المانع سيفا لم يهّز … إنّما ملت إلى خزّ وقزّ