للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المدائني: لما مات الحجاج وقف على قبره رجل من أهل الشام فقال: إنا لا نخافك على تعذيب الحجاج فلا تحرمنا شفاعته.

المدائني قال: قال الحجاج لعروة بن الزبير وقد أغلظ لعبد الملك في كلام: يا بن العمياء، أتقول هذا لأمير المؤمنين؟ فقال له عروة: وما أنت وهذا يا بن المتمنية، يعني أن جدته أم أبيه وهي من بني كنانة ثم من بني الديل، القائلة في زمن عمر بن الخطاب:

ألا سبيل إلى خمر فأشربها … أم لا سبيل إلى نصر بن حجاج

وقد ذكرنا خبرها فيما تقدم.

المدائني عن أبي اليقظان قال: مات محمد بن الحجاج في حياة أبيه، فقال الحجاج: إذا فرغتم من غسله فاعلموني، فأعلموه فانطلق حتى أخذ بعضادتي الباب فنظر إليه وهو على السرير فقال:

الآن لما كنت أكمل من مشى … وافترّ نابك عن شباة القارح

فقيل له: استرجع أصلح الله الأمير، فقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ (١).

ومات محمد بن الحجاج، ومحمد بن يوسف باليمن في سنة، فقال الحجاج: مصيبتان عظيمتان في عام، أما والله لو كان الموت يقبل الفداء لقد كان عندنا مال، ولو كان يدفع بالقوة لقد كانت عندنا قوة وسلطان، ولكن غلب سلطان الله سلطاننا وما يسرني أن أحدهما عن يميني والآخر عن شمالي لما


(١) سورة البقرة - الآيتان:١٥٦ - ١٥٧.