للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه، فقال الحجاج: يا أهل الشام، تهابون الإقدام وقد طعن هذا ثلاث طعنات كلها تصل إلى الجذع فلم يمت. وخلى عنه، قالوا: فكان بعد ذلك يمشي في السوق.

قالوا: وكتب قتيبة إلى الحجاج يشكو ترك أهل الشام طاعته بخراسان، فكتب إليه أن احرمهم أطماعهم، فقد أشروا بدرورها عليهم، وأفقرهم فإن الفقر جند الله الأعظم الذي يذل به كل جبار عنيد.

وقال الحجاج لصاحب حرسه: إني استعملتك على نفسي، ولصاحب شرطه: إني استعملتك على سلطاني، ولحاجبه: إني استعملتك على وجهي، ولصاحب طعامه: إني استعملتك على مروءتي.

وخطب الحجاج فقال: ﴿إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾ (١) وكان لا يدع ذلك حتى مات.

قالوا: وبعث الحجاج بهدايا مع رجل من همدان إلى عبد الملك فأنشد عبد الملك:

لقد أوعدتني شاكر فحسبتها … وفي النفس من همدان والقلب هاجس

قبيلة لا كثّر الله خيرها … لها حجف فوق المناكب يابس

وقال: يا أخا همدان، لئن أسأنا المقال لا نسيء الفعال، وأمر له بأربعة آلاف درهم.


(١) سورة التوبة - الآية:٢٤.