للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مسافة ٤٨كيلو متراً وكل قناة عملت وأديرت على يد جماعة من أرباب الأملاك ينتخب رئيس شركتها أصحاب الأراضي التي هي آخذة بالتقسيم والتجزئة.

وبعد فإذا كان الشعور بالتضامن العملي والنظري هو على أتمه في سويسرا فإن الفكر الوطني والنظام الاختياري والضمير الإفرادي المشاهد في أخلاق الوطني السويسري جدير بالإعجاب من كل وجه. فالسويسري يعرف واجبه نحو المجتمع والحكومة ويخالف في ذلك الشعوب اللاتينية التي تحب الخلاف بفطرتها والشعب الألماني الذي يخنع للسلطة إدارية وعسكرية على صورة غريبة وذلك بإطاعته الرؤساء طاعة عمياء والخضوع لأوامر الإمبراطور ولكن الوطني السويسري يخضع لنفسه ويرضى بنظام ارتضاه بحريته. والفكر الوطني في سويسرا الألمانية أشد منه في سويسرا الفرنساوية هي مديريات نوشاتل وفريبورغ وجنيف ولوزان وسويسرا الإيطالية مقاطعتها التسين والغريزون وما عدا هذه الست مديريات أي الأربع عشرة مديرية فهي ألمانية.

السويسري الألماني خصوصاً لا يستنكف من أن يشكو كل من يخالف الأمر والنظام لأن لكل شاك الحق بنصف الغرامة وقليل جداً من يشتكي منهم ولذا فليس من العبث ما تقرأه على المنعطفات وفي مداخل الحدائق والمنتزهات من الكتابات بحروف غليظة لجعلها تحت ملاحظة الجمهور ومعانة الوطنيين فإن هؤلاء قد عرفوا منزلتهم من بلادهم وما ينالهم من شرفها وما وضعته فيهم حكومتهم من الثقة فلا يريدون بحال أن يشوهوا وجوه مرافقهم ومتنزهاتهم وجناتهم بل يعملون بما فيه حفظها على ما يستلزمه حبهم لبلادهم وإعجابهم بها. ورجال الإدارة يجتهدون أن يعلموا الشعب وإن يؤهلوه ليخدم نفسه بنفسه بدلاً من أن يعتبروه ولداً يجب على الدوام الأخذ بيده وقيادته ولهذه أمثال كثيرة تعد بالعشرات مما لا مثيل له عند الأمم الأخرى.

وندر جداً في السويسريين من يستحلون أكل مال خزينة الأمة أي أن يخفوا عن الحكومة ما يحق لها أخذ رسوم وضرائب منه ولا سيما في سويسرا الألمانية وإن كان بعض أرباب الغايات وهم لا تخلو منهم أمة مهما طهرت نفسها قد يقفون عثرة أحياناً في سبيل بعض الأعمال كما وقف بعضهم سنة ١٨٨٦ لما أرادت الحكومة احتكار اللالكحول ووقفوا ستة ١٩٠٧لما أرادت منع شراب الابسنت المضر وحسنت صحة البلاد.