للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحصار وكان ذلك في القرن الرابع عشر.

تعلم الهفلسيون الاحتفاظ بحقوقهم والاعتياد على الشورى وحكم أنفسهم بأنفسهم وكره الملوك منذ قال زعيمهم ديفكوليوليوس قيصر عامل الرومان تلك الجملة البديعة وقد أراد أن يعقد معه صلحاً فطلب قيصر إلى الهلفسيين رهائن فقال ديفييكو. تريد رهائن وقد علمنا آباؤنا أن نأخذها لا أن نعطيها وكان على الرومان أن يذكروا ذلك. ولكنك ترى اليوم هذه الأمة مع ما بلغته من الحرية التي لم تعهد لغيرها تتساهل بحقوقها مع حكومتها فيما تراه نافعاً لبلادها علماً منها بأن الحرية المطلقة لا يمكن حصولها في مكان من لمجتمع وهي بالضرورة محدودة بحقوق الغير وبالمصلحة العامة.

السويسريون يرون في كل مكان المصلحة العامة ويتركون لها برضاهم صغار مطالبهم النفسية ويطالبون خاصة بتطبيق حقوق الفرد الأولية فلا يسيئون استعمال حريتهم الوجدانية وحريتهم القولية ليتخلصوا من عبءٍ فيه مصلحة عامة.

السويسري لا يستطيع مع ما نال من الحرية أن يقطع شجرة من غابته إلا بإذن حكومته ولا أن يضمن داره من الحريق إلا عند حكومته لأنها هي ضامنه من الحريق ولا أن يلقي ورقاً ولا قصناً في إحدى البحيرات فضلاً عن الأقذار والأوخام فسويسرا التي احتفظت بحقوقها في عصور الظلمة قد زادت منذ خمسين سنة تدخل الحكومة في مصالحها على ما هي الطريقة المتبعة في إدارة البلاد الجرمانية وذلك بأن يكون للحكومة إشراف قليل على بعض شؤون لا تضر بحرية الأفراد والمجتمع.

حرية الضمير والرأي والعبادة مضمونة في ارض سويسرا بموجب قانون الاتحاد السويسري الأساسي ولكن لا بصورة مبهمة بل إن لكل مديرية قانونها الخاص للاجتماع والدين والصحافة ينظر فيه الحين بعد الآخر ويطبق بحسن ارتقاء الشعب وأخلاقه. وحرية الصحافة لم تنقلب قط إلى عداء ومماحكات ومع شدة الانتقاد والجدال في المنازع السياسية فإن لها حداً تقف عنده لا تتعداه أعظم الصحف السويسرية ولذلك كانت صحافتهم على صورة لا تشبه صحافة الأمم الأخرى وربما كانت هي والصحف الإنكليزية صحف الحرية الحقيقية مع الاعتدال الغريب. أما نشر السفاهات والغراميات والخلاعيات فهذا لو جسر على نشره صحافي لا يجد من الأمة من يقرأه فيسقط بطبيعته. ومن الغريب أنك تجد في