للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بل كانت الصناعات والعلوم عندهم أموراً يقصد بها الزينة والبذخ ليس إلا. ولم يكن الرومان على عهد شيشرون يعتبرون من أهل الأعمال غير الجندي والحراث والسياسي والناجر أو المحامي أما الكتابة والتأليف والاشتغال بالعلم والفلسفة والنقد فكل ذلك يسمى عندهم بطالة. وما قط أصاب أرباب الفنون والعلماء من الاعبار في رومية ما يسويهم بتاجر غني. قال لوسين أحد كتاب اليونان: متى صرت مثل فيدياس النقاش اليوناني تصنع ألف قطعة بديعة من النقوش لا يرغب أحد أن يتقبل مثالك لأنك مهما بلغت من الخدمة لا يطلق عليك إلا لقب صانع ولست إذ ذاك غير رجل يعيش بكد يمينه.

لوكلوس: ولد لوكلوس وهو مثال الروماني الحديث سنة ١٤٥ من أسرة شريفة وغنية جداً ولذا سهل دخوله في سلك أرباب المناصب والشرف واشتهر في غزواته الأولى بأنه يعطف على المغلوبين ويعاملهم باللطف ثم عين قنصلاً وقاد الجيش الذي انتدب لقتال ميترايدانس. وقد رأى سكان آسيا ساخطين من كثرة السرقة وفظاعة العشارين فعني بجعل حد لتلك الأعمال وحظر على جنده أن ينهبوا المدن المغلوبة وبذلك جلب لنفسه حب الآسياويين الباطل وبغض العشارين والجنو الخطر. فدست الدسائس لتستدعيه حكومته وكان قد هزم ميترايدانس وأخذ يطارده وهو سائر إلى حليفه ملك أرمينية وقد هزم جيشاً من البرابرة بجيشه الصغير المؤلف من عشرين ألف مقاتل فسلبت منه القيادة وسلمت إلى نديم العشارين وحبيبهم بومبي.

وإذ ذاك اعتزل لوكلوس الأعمال للاستمتاع بما جمعه في آسيا من الثروة وأصبح يملك في أحياء رومية حدائق غلبا وله في نابولي مصيف قام في البحر مبنياً بالحجر الصلد.

وفي توسلكولوم قصر صيفي وفيه متحف للأعلاق والنفائس فكان يقضي الصيف في توسكولوم بين أصحابه وجماعة العلماء وأهل الأدب يطالع مصنفات اليونان ويبحث في الأدب والفلسفة.

وتروى عن بذخه حكايات كثيرة منها أنه كان ذات يوم يتغدى وحده فرأى مائدته أكثر بساطة من العادة فوبخ الطاهي فاعتذر بقوله أن عدم وجود الضيوف هو الذي دعاه إلى تقليل المآكل فأجابه لوكلوس: أما علمت أن لوكلوس يتغذى اليوم عند لوكلوس؟ ودعا يوماً قيصر وشيشرون فقبلا دعوته على شرط أن لا يغير شيئاً من عادته فاكتفى لوكلوس بأن