لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى [النور: ٥٥] والبدعة أبعد ما تكون من العمل الصالح، الذي هو أحد شرطي الاستخلاف.
واعلم أخي المسلم، أن كل بدعة تعملها، تباعدك من الله خطوة، حتى تصير في شق، والله ورسوله في شق آخر، نعوذ بالله من ذلك. كما يجب أن تعلم أخي المسلم، أن أعظم احتفال بهذه الليلة المباركة، أن تحافظ على الصلوات المكتوبة، وتقيم فروضها ومسنوناتها، وتستشعر فيها أنك تعبد الله كأنك تراه، فتقرّ بها عينّك، وتهدأ بها نفسك، وتعلم أنها هدية الله إلى خلقه. فهذا بحق أعظم احتفال بهذه الليلة، احتفال يحبه الله ويرضاه.
أما الكلام عن شق صدره صلى الله عليه وسلم، في هذه الليلة المباركة، وملأه حكمة وإيمانا، فقد أفردت له بابا مستقلا، حتى أساعد القارئ، أن يتأمل هذه الواقعة العظيمة، ليستشعر فيها اعتناء الله سبحانه وتعالى بخاتم النبيين، وحتى لا تضيع الواقعة في زحمة الكلام، عن الرحلة المباركة.
٣- وصف بيت المقدس:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربة ما كربت مثله قط، قال:
فرفعه الله لي أنظر إليه ما يسألوني عن شيء إلّا أنبأتهم به» «١» .
[الشاهد في الحديث:]
قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به» .
هذه القصة، وهي سؤال قريش النبيّ صلى الله عليه وسلم عن أوصاف بيت المقدس، غداة إخباره بحادثة الإسراء، كان من المفترض أن أثبتها في سياق الحديث عن الإسراء والمعراج، ولكني وددت أن أفرد لها حديثا خاصّا لعظيم شأن هذه القصة، ورغبتي أن يستشعر كل مسلم منة الله على عبده ورسوله، وحتى لا يضيع الكلام عنها في خضم الكلام عن معجزة الإسراء والمعراج التي أذهلت العقول وأخذت بالألباب.
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
في الشمائل النبوية:
١- عظيم اعتناء الله سبحانه وتعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم وتأييده بالمعجزات الباهرات،
(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب: ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال، برقم (١٨٢) .