للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام النووي- رحمه الله-: «الصحيح المختار أن معناه أن أحدا يحبنا حقيقة جعل الله فيه تمييزا يحب به، كما قال: سبحانه وتعالى.: وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [البقرة: ٧٤] وكما حن الجذع اليابس، وكما فر الحجر بثوب موسى صلى الله عليه وسلم» «١» .

٢- بيان ما أعطاه الله- عز وجل- نبيه صلى الله عليه وسلم من القدرة على مخاطبة الجمادات، ولولا أنها تعقل كلامه صلى الله عليه وسلم ما كان لتوجيه الكلام لها من معنى، ورد في الحديث: «فضربه برجله قال: اثبت أحد؛ فما عليك إلّا نبيّ أو صدّيق أو شهيدان» ، وهو من جنس تسليم الشجر عليه صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام ابن حجر- رحمه الله-: «فضربه برجله وقال: «اثبت» بلفظ الأمر من الثبات وهو الاستقرار، وأحد: منادى ونداؤه وخطابه يحتمل المجاز، وحمله على الحقيقة أولى» «٢» .

٣- فرح جبل أحد بصعود النبي صلى الله عليه وسلم حتى إنه ارتجف، ورد في الحديث: «فرجف بهم» ، وما يكون الرجف إلا فرحا واستبشارا، ولا يتصوّر عظيم هذا الأمر إلا من رأى هذا الجبل الضخم الشامخ الراسي فيتخيل كيف أنه اهتز واضطرب.

٤- في الحديث معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو إخباره أن عمر وعثمان. رضي الله عنهما. سينالان الشهادة في سبيل الله. تعالى. وقد وقع الأمر كما قال وأخبر صلى الله عليه وسلم.

[الفائدة الثانية: بيان قدرة الله عز وجل:]

والتي بلغت المنتهى في الكمال، فهذا جماد أصم جعل الله فيه إحساسا يحب به، وجعل له إدراكا يشعر ويعرف من يقف عليه فيضطرب لذلك. وفي الحديث أيضا بيان عظيم حبّ الله عز وجل لنبينا صلى الله عليه وسلم إذ ألقى في الجمادات حبه صلى الله عليه وسلم.

[الفائدة الثالثة:]

الحديث منقبة عظيمة لأبي بكر وعمر وعثمان. رضي الله عنهم. جميعا:

فأبو بكر أثبت له النبيّ صلى الله عليه وسلم منزلة الصّدّيقيّة، أما عمر وعثمان- رضي الله عنهما-،


(١) انظر شرح النووى على صحيح مسلم (٩/ ١٤٠) .
(٢) انظر فتح البارى (٧/ ٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>