للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«كلّا، إنّي عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، والمحيا محياكم، والممات مماتكم» .

فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الّذي قلنا إلّا الضّنّ بالله وبرسوله. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله ورسوله يصدّقانكم ويعذرانكم» . قال: فأقبل النّاس إلى دار أبي سفيان وأغلق النّاس أبوابهم. قال: وأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى أقبل إلى الحجر فاستلمه ثمّ طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، قال: وفي يد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قوس- وهو آخذ بسية القوس- فلمّا أتى على الصّنم جعل يطعنه في عينه ويقول: «جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ» ، فلمّا فرغ من طوافه أتى الصّفا فعلا عليه حتّى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو «١» .

[بعض فوائد الفتح المبارك:]

الفائدة الأولى: في النبي صلّى الله عليه وسلّم:

١- بيان واحدة منّ أعظم ما من الله به على نبيه صلّى الله عليه وسلّم من فضائل، وهي أنه. تبارك وتعالى. أحل له مكة ساعة من النهار، ورد عند الشيخين: عن أبي هريرة يقول: إنّ خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث عام فتح مكّة بقتيل منهم قتلوه، فأخبر بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فركب راحلته فخطب فقال: «إنّ الله عز وجل حبس عن مكّة الفيل وسلّط عليها رسوله والمؤمنين ألا وإنّها لم تحلّ لأحد قبلي ولن تحلّ لأحد بعدي ألا وإنّها أحلّت لي ساعة من النّهار ألا وإنّها ساعتي هذه» «٢» . وقد مر شرح الحديث مبسوطا في فصل: «أحلت له مكة» .

٢- حسن تنظيمه صلّى الله عليه وسلّم للعسكر وإدارته للمعركة، إذ كان من عادته صلّى الله عليه وسلّم أن يقسم الجيش إلى أقسام، ورد في الحديث: «فجعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى وجعل الزبير على المجنبة اليسرى، وجعل أبا عبيدة على البياذقة وبطن الوادي» قيل: البياذقة هم الرّجّالة وسموا بذلك لخفتهم وسرعة حركتهم. ومن حسن تنظيمه صلّى الله عليه وسلّم للمعركة تحديد المسئوليات، إذ وكل مهمة قتل أوباش قريش إلى الأنصار، ورد في الحديث: فقال: «يا أبا هريرة ادع لي الأنصار» ، فدعوتهم فجاؤا يهرولون فقال: «يا معشر الأنصار هل ترون أوباش قريش» ؟

قالوا: نعم، قال: «انظروا، إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا» «٣» .


(١) رواه مسلم، كتاب: الجهاد، باب: فتح مكه، برقم (١٧٨٠) .
(٢) رواه البخاري، كتاب: الديات، باب: من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، برقم (٦٨٨٠) .
(٣) رواه مسلم، كتاب: الجهاد، باب: فتح مكه، برقم (١٧٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>