القران، وضياع السنة يعني ضياع معاني القران وحكمه وأحكامه التي هي مراد الله من إنزاله، ولما قال الله عز وجلّ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩)[الحجر: ٩] ، لم يقيد معنى الحفظ بحفظ الحروف فقط، فعلمنا أن الحفظ يشمل الحروف والمعاني والحكم التي لا تتبين إلا من السنة النبوية، فما الذي يستفيده الناس من القران الكريم إذا بقيت حروفه وضاعت معانيه؟ فستبقى السنة النبوية الشريفة محفوظة ما دام القران العظيم بين أظهر الناس.
٣- ليس في القران شيء مبهم يستشكل فهمه على الراسخين في العلم، لأن السنة بينت القران، والقول أن في القران ما لا يمكن فهمه يعارض صريح الآية التي معنا.
٤- إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يقبض حتى بيّن لأصحابه رضي الله عنهم كل معاني القران العظيم.
٥- النبي صلى الله عليه وسلّم هو أعلم الخلق بمراد الله- سبحانه وتعالى- وبذلك يكون أعلم الخلق بالله عز وجلّ.
٦- عظم المهمة التي كلّف بها النبي صلى الله عليه وسلّم والتي منها بيان مراد الله- سبحانه وتعالى- من كلامه العزيز.
[الفائدة الثالثة:]
ضلال من يسمون أنفسهم بالقرانيين، وهم الذين يدعون أنه يسعهم اتباع القران ولا حاجة لهم إلى السنة النبوية، وهم في الحقيقة لا يريدون العمل بالقران ولا بالسنة، لما أوضحته من الحاجة الماسة للسنة لفهم القران والعمل به.
[الفائدة الرابعة:]
حثت الآية الكريمة أهل العلم والفكر على أن يتدبروا ايات الله عزّ وجلّ ليستخرجوا منها المعارف والعلوم، واللآلئ والكنوز، ولكن شريطة أن يكون التأمل على ضوء ما بينته السنة النبوية الشريفة من معاني القران الكريم، حيث إن الآية حثت على التفكر بعد أن أوضحت أن السنة هي المفسرة والشارحة للقران، وكأنه توجيه إلهي بالتقيد بالسنة عند تدبر القران، وما ضل أصحاب التفاسير المغلوطة إلا بعدم تقيدهم بهذا الشرط.
ويتفرع عليه أن استنباط الناس للمعارف والعلوم من القران الكريم يتفاوت بقدر علمهم بالسنة النبوية، وبقدر ما أوتوا من أفهام وعقول.
[الفائدة الخامسة:]
علوم القران العظيم ومعارفه وفتوحاته لن تنضب إلى أن يرفع القران من الأرض، ودليله من الآية الكريمة أن تلك العلوم لو نضبت لتعطل أمر إلهي تعبد الله به عباده في القران، وهو التفكر والتأمل في اياته.