للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون نبوغهم نقمة بعد أن كان نعمة.

الفائدة السّابعة:

في الحديث ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، من حب لله ورسوله، يتبين ذلك من خروج كعب إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسلم عليه، ويتمنى في نفسه أن يحرك الرسول شفتيه تحريكا فقط برد السلام، بل ينظر إليه في خفية حبا لرؤية الرسول صلى الله عليه وسلم يقول كعب: (فأسارقه النظر) ، ويفعل ذلك كعب وهو في الصلاة، كل ذلك لحبه النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أمر الناس أن يعتزلوه، فلا يردوا عليه حتى السلام، هل تغير قلب كعب من الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لا والله، بل يذهب إلى ابن عمه فيسأله: (هل تعلمني أحب الله ورسوله؟) ، لم يسأله عن إيمانه أو طاعته لله ورسوله، بل سأله عن ما هو أعظم وأخص من الإيمان والطاعة، ألا وهو الحب، يريد من ابن عمه كلمة يطمئن بها على ما هو عليه من الحب لله ورسوله، هذا هو الفارق بيننا وبين الصحابة.

الفائدة الثّامنة:

الثبات على العزيمة والرشد، في أشد الظروف وأحلكها، فهذا ملك غسان يرسل- بنفسه- كتابا إلى كعب، يذكره بما هو فيه ويغريه بما يمكن أن يكون فيه، في وقت قد ضاقت عليه الأرض بما رحبت، فماذا فعل كعب؟، هل شاور نفسه؟ هل فكر في أمره؟ انظروا ماذا فعل في كتاب ملك غسان، لقد حرقه لتوه، لماذا؟ حتى لا تسول له نفسه أن يقرأه مرة أخرى، فيدخل عليه الشيطان ويزين له ما فيه، ونتعلم من ذلك أننا يجب أن نتخلص من كل شيء قد يجرنا إلى معصية الله ورسوله، بإتلافه أو إحراقه، فهذا من العزيمة الصادقة، وحسن التوبة إلى الله، بل من شروط صحة التوبة، وأتعجب من الذين يحتفظون بأشياء كالصور والمذكرات، التي فيها ما لا يرضي الله ورسوله، بحجة أنها من الذكرى أو الذكريات، أقول لهم: هذا من تلبيس إبليس، أفلا يكون لكم في كعب أسوة وعبرة؟!.

الفائدة التّاسعة:

في الحديث بيان ما يصيب المؤمن من فرح وسرور من توبة الله عليه، يتبين ذلك مما يلي:

١- سجود كعب بن مالك شكرا لله لما سمع صوت الصارخ من أعلى الجبل يبشره، وفي ذلك مشروعية سجود الشكر عند نزول النعم، وكذا عند رفع النقم.

٢- سمى كعب التوبة فرجا قال: (وعرفت أن قد جاء الفرج) .

٣- إهداء كعب بن مالك ثوبيه، الذي لا يملك غيرهما، للذي بشره، واستعار ثوبين غيرهما يخرج بهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>