في كتبهم وبوّبوا لها فصولا وأبوابا، وتناولها العلماء بالشرح والبيان.
[أما الفائدة التي تعود على المسلم من معرفتها]
، فأقول: إننا نتقرب إلى الله- عز وجل- بحب النبي صلى الله عليه وسلم ومما يساعد على حبه، معرفة كل شمائله الخلقية والخلقية، لأن الإنسان لا يحب أحدا إلا إذا كان يعرفه تمام المعرفة، ثم إن معرفة الجمال الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم يساعد على حبه من جهتين:
[الجهة الأولى:]
أن الإنسان بطبعه يحب من اتصف بالحسن والجمال.
[الجهة الثانية:]
محبته أكثر إذا علمنا أن الله- عز وجل- هو الذي حباه بهذا الجمال، وهو دليل على حب الله- سبحانه وتعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: كم من الذين يبغضهم الله- سبحانه وتعالى- قد حباهم بجمال عجيب، فهل هذا دليل على أنه يحبهم؟ قلت: جمال النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا عن حب من الله عز وجل- له، والأدلة على ذلك متوافرة:
١- كان جماله صلى الله عليه وسلم مقرونا بالإجلال والإكبار، لقول عمرو بن العاص رضي الله عنه:
(وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت) «١» .
٢- استمرار هذا الجمال معه إلى يوم وفاته صلى الله عليه وسلم والمعروف أن الناس، خاصة أهل الكفر والشقاق، يذهب عنهم جمالهم بكبر سنهم وطول أعمارهم، خاصة عند الوفاة، وقد مر قريبا ما ورد في الصحيحين من حديث أنس قال رضي الله عنه واصفا وجه النبي صلى الله عليه وسلم يوم وفاته:
(كأن وجهه ورقة مصحف) .
٣- اقترن جماله صلى الله عليه وسلم بأمور أخرى زادته جمالا على جماله، وحسنا على حسنه ولم يشترك مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الصفات أحد من الناس أبدا، فعلمنا أن هذه الصفات لا تكون إلا من الله- عز وجل- بل هي من علامات نبوته التي أيده الله- سبحانه وتعالى- بها وأقصد بهذه الصفات جمال عرقه، ورائحة جسده الزكية، وليونة كفيه صلى الله عليه وسلم حتى إنهما كانتا ألين من الحرير والديباج.
وأقول: إن اتصاف النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفات الجسمانية هي من أعظم دلائل نبوته؛ لأن الله- سبحانه وتعالى- بمقتضى عدله وحكمته، لم يكن ليمنحها لأحد يدعي- حاشا لله- أنه نبي، فتكون هذه الصفات فتنة للناس، وحجة لهم على الله، فيقولون في
(١) مسلم، كتاب: الإيمان، باب: كون الإسلام يهدم ما قبله ... ، برقم (١٢١) .