للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجاهة) حقه الشرعي من الميراث: (مهما صغر مقدار هذا الميراث) ، ودليله أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مع فضلهن قد طلبن ميراثهن، وما أنكرت عائشة رضي الله عنها طلبهن إلا من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث، وفي حديث فاطمة والعباس دليل على ذلك؛ فعن عروة عن عائشة: (أنّ فاطمة والعبّاس عليهما السّلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر فقال لهما أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: «لا نورث ما تركنا صدقة إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال» .

قال أبو بكر: والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلّا صنعته. قال: فهجرته فاطمة فلم تكلّمه حتّى ماتت) «١» .

٨- رؤية مقاعدهم في الجنة

أن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صحيح يقول: «إنّه لم يقبض نبيّ قطّ حتّى يرى مقعده من الجنّة ثمّ يحيّا أو يخيّر» . فلمّا اشتكى وحضره القبض ورأسه على فخذ عائشة غشي عليه فلمّا أفاق شخص بصره نحو سقف البيت ثمّ قال: اللهمّ في الرّفيق الأعلى «٢» .

[الشاهد في الحديث:]

قوله: (إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة) .

وهذا دليل على علو منزلة الأنبياء عليهم جميعا الصلاة والسلام، حيث إنهم يرون في الدنيا- قبل موتهم- مقاعدهم من الجنة، ثم يأتي بعد ذلك التخيير، والحكمة من ذلك- والله أعلم- ترغيبهم وحثهم على اختيار جوار الله، وهذا يعد من عظيم محبة الله لهم وإرادته جوارهم منه سبحانه.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

زهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا وتفصيله الدار الآخرة ولقاء ربه، حيث إنه صلى الله عليه وسلم ما تردد بل اختار من أول تخيير له الدار الآخرة.

[الفائدة الثانية:]

أدبه صلى الله عليه وسلم مع ربه، وحرصه على تعليم الأمة هذا الأدب، حيث


(١) رواه البخاري، كتاب الفرائض، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركنا صدقة» ، برقم (٦٧٢٥) .
(٢) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب: مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، برقم (٤٤٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>