للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وكان كافرا يومئذ) ، وكان بين قريش وبين النبي صلّى الله عليه وسلّم هدنة في تلك الفترة، وهي صلح الحديبية في السنة السادسة من الهجرة، وكانت مدتها عشر سنين، فدعي أبو سفيان إلى مجلس هرقل، وأجلس أصحابه خلفه- أي خلف أبي سفيان- وبدأ يسأله عن خبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.

الشّاهد في الحديث:

أن أبا سفيان بن حرب، وكان ما يزال كافرا زكّى خلق النبي صلّى الله عليه وسلّم من كل الوجوه، كما سيأتي مفصلا- إن شاء الله.

[فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

في كتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى هرقل والذي فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم» ، فوائد منها:

١- استحباب بدأ الكتب بالبسملة، ويبدو أن هذا كان نهج الأنبياء من قبل، ويصدق ذلك قوله تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) [النمل: ٣٠] ، ولا يفرق في ذلك بين الكتاب المرسل إلى مسلم أو ذمي أو كافر، فكلها تبدأ بالبسملة.

٢- البسملة تتكون من جار ومجرور، وهما: «باسم» ، ومضاف ومضاف إليه، وهما:

«باسم الله» ، ثم صفتين من صفات الباري- سبحانه وتعالى- وهما: «الرحمن الرحيم» ، والجار والمجرور هنا يحتاج إلى متعلق، والمتعلق محذوف، فيقدّر حسب المناسبة، فإذا كان العبد يفتتح القراءة فيكون المتعلق باسم الله أقرأ، وإذا كان يريد الذبح، يكون المتعلق باسم الله أذبح، وهكذا في الخروج والدخول، والكتابة، وغير ذلك، والتسمية أمرها عظيم، وهي من الكلمات المباركة التي لا غنى للعبد عنها خاصة في بعض المواطن كالأكل والشرب ودخول البيت، فعن جابر بن عبد الله أنّه سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا دخل الرّجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشّيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشّيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال:

أدركتم المبيت والعشاء» . رواه مسلم «١» ، وعن ابن عبّاس يبلغ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لو أنّ أحدكم إذا أتى أهله قال: باسم الله اللهمّ جنّبنا الشّيطان وجنّب الشّيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضرّه» . رواه البخاري «٢» ، والذبح أيضا، لقوله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (١١٨) [الأنعام: ١١٨] .


(١) مسلم، كتاب: الأشربة، باب: آداب الطعام والشراب وأحكامهما، برقم (٢٠١٨) .
(٢) البخاري، كتاب: الوضوء، باب: التسمية على كل حال وعند الوقاع، برقم (١٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>