للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يهمني هو أن يعلم كل مسلم أن نبيه صلى الله عليه وسلم قد صلى بالأنبياء إماما، وفيهم من فيهم من أولي العزم من الرسل، حيث ورد في الحديث أن فيهم إبراهيم وموسى وعيسى، صلوات الله وسلامه عليهم جميعا، ومعلوم أنّ من السنة أن يؤم القوم أعلمهم، فهو دليل قطعي على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل الرسل جميعا، وقد بينت ذلك في مواضع مختلفة من هذا الكتاب فلله الحمد والمنة على ما تفضل به على نبينا صلى الله عليه وسلم.

وإذا كانت كل أمة من الأمم السابقة قد ادعت كذبا وزورا انتسابها إلى الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم، لشرفه وإمامته، فحقيق بأمة الإسلام أن تفتخر وتتباهى وترفع عقيرتها بين سائر الأمم أنها تنتسب صدقا إلى أمة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم الذي صلى الخليل وراءه مأموما، شريطة أن يكون هذا الانتساب بالقول والعمل لا بالقول وحده.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

حياة البرزخ وأحوالها تختلف تماما عن الحياة الدنيا وأحوالها، فلا تقاس حياة البرزخ على حياة الدنيا، ولذلك لا مجال لإيراد إشكالات قد تدور في أذهان بعض المسلمين مثل: كيف رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم موسى يصلي في قبره ثم رآه في السماء الخامسة ثم صلى به إماما ببيت المقدس.

وغير ذلك من الأسئلة الكثيرة.

[الفائدة الثانية:]

للأنبياء- عليهم السلام- حياة خاصة بعد انتقالهم من الحياة الدنيا، وأن أعمالهم الصالحة تتواصل ولا تنقطع بانقطاعهم عن الحياة الدنيا وهذا من فضل الله عليهم وتميزهم عن سائر الخلق.

ويتفرع على ذلك أن الأنبياء لا يدخلون في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة» «١» ، وأن أعمالهم الصالحة لا تقتصر على أعمالهم في حياتهم الدنيا.

[الفائدة الثالثة:]

في الحديث فضيلة ظاهرة لإبراهيم صلى الله عليه وسلم، وهى أن أشبه الناس به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبالمناسبة أقول: إن للخليل صلى الله عليه وسلم فضيلة أخرى عظيمة، وهى أن الله عز وجل، ما أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم باتباع ملة نبي بعينه إلا إبراهيم الخليل حيث قال تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: ١٢٣] .


(١) رواه مسلم، كتاب الوصية، باب: ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (١٦٣١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>