للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد بخروجه صلّى الله عليه وسلّم.

أما الثانية: فقد مكث في جبل ثور ثلاث ليال على سبيل الاستخفاء لعلمه صلّى الله عليه وسلّم أن المشركين سيرسلون في أثره من يأتي بخبره، ورد بالحديث: «ثم لحق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر بغار في جبل ثور فمكثا فيه ثلاث ليال» .

٢- إرساله صلّى الله عليه وسلّم العيون واختيار أحسنها وإخفاء أمره على العدو، فقد اختار صلّى الله عليه وسلّم عبد الله بن أبي بكر لهذه المهمة، حيث توفرت فيه الصفات المطلوبة، فهو شاب حديث السن يتحمل الأعباء الجسدية، وهو حاذق سريع الفهم يتحمل الأعباء الفكرية، ورد في الحديث: «وهو غلام شاب ثقف لقن» ، أما التعمية على العدو فكان عبد الله يرجع إلى مكة آخر الليل حتى يظن أهلها أنه بات معهم «فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك» .

٣- استخدام الدليل لمعرفة الطريق واختيار أحسنه وأعلمه ولو كان كافرا، فقد استأجر صلّى الله عليه وسلّم رجلا ماهرا بالطريق، بينه وبين مشركي مكة عهد وأمان، ورد في الحديث: «قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش» ومن كان على دينهم لن يكون موضع شكهم.

٤- تضليل العدو، فقد طلب صلّى الله عليه وسلّم من سراقة رضي الله عنه أن يخفي أمره عن كفار مكة وما طلب منه غير ذلك، فرجع لا يلقى أحدا إلا قال: «قد كفيتكم ما هاهنا فلا يلقى أحدا إلى رده» وورد أيضا «ولم يسألاني إلا أن قال: أخف عنا» .

٥- تأمين الطعام والشراب للسفر الطويل، فقد كلف صلّى الله عليه وسلّم عامر بن فهيرة مولى أبي بكر أن يرعى عليهما، وورد في الحديث أيضا: «قالت عائشة: فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهم سفرة في جراب» والسفرة هي الزاد الذي يصنع للمسافر.

الفائدة الثالثة: حبه صلّى الله عليه وسلّم للإنفاق في سبيل الله:

ومظاهر ذلك:

١. اشتراطه صلّى الله عليه وسلّم أن يدفع لأبي بكر رضي الله عنه ثمن الراحلة التي سيهاجر بها إلى المدينة، ورد بالحديث: «قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: بالثمن» «١» .


(١) أخرجه البخاري، كتاب: البيوع، باب: إذا اشترى متاعا أو دابة فوضعه عند البائع، برقم (٢١٣٨) من حديث عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>