من أعمال الخير، وعدم الزهد فيها، والحرص على استرضاء الرب- تبارك وتعالى-، وحكمته صلّى الله عليه وسلّم في سياسة الناس حيث يشاركهم العمل ليكون أهون عليهم وأطيب على نفوسهم، ففي الحديث:«وطفق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينقل اللبن في بنيانه، ويقول وهو ينقل اللبن:
هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر ربنا وأطهر
» .
الفائدة السابعة: عناية الله- سبحانه وتعالى- بمسجد نبيه صلّى الله عليه وسلّم:
لقد اعتنى الله- سبحانه- بمسجد نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وليس ذلك من جهة مضاعفة أجر الصلاة فيه، أو احتوائه على روضة من رياض الجنة، أو الترغيب في شد الرحال إليه، ولكن بلغت العناية الربانية به من حيث المكان الذي بني عليه المسجد فهو مكان اختاره الله- سبحانه وتعالى-، حيث أمر الناقة أن تبرك فيه، «فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين بركت به راحلته: «هذا إن شاء الله- المنزل» .
الفائدة الثامنة: حسن ثقته صلّى الله عليه وسلّم بربه- سبحانه وتعالى- وأنه ناصره ومؤيده:
ورد في الحديث:«فقلت- أي أبو بكر-: يا رسول الله: أوتينا- أي أدركنا سراقة-؛ فقال: لا تحزن إن الله معنا» .
الفائدة التاسعة: سرعة استجابة الله- تبارك وتعالى- لدعائه صلّى الله عليه وسلّم:
حيث دعا على سراقة في الأولى فقال:«اللهم اصرعه» - أي سراقة- فصرعه الفرس، ثم دعا لسراقة في الثانية فنجاه الله في الحال ورد في الحديث:«قد علمت أنكما قد دعوتما عليّ فادعوا لي فالله لكما أن أرد عنكما الطلب فدعا الله فنجا» .
ويؤخذ منه أيضا الإيجاز في الدعاء، فالنبي صلّى الله عليه وسلّم مع الخطر الذي أحدق به وأوشك أن يقع به، ما زاد في دعائه عن قوله:«اللهم اصرعه» ، وأعتقد أن هذا الإيجاز يدل على حسن الثقة بالله، وأنه- سبحانه وتعالى- يسمع ويرى، ولو كان الإسهاب والإطناب والتطويل في الدعاء أكثر عبودية لله وأرجى للإجابة لكان أولى الناس به هو النبي صلّى الله عليه وسلّم، ألم تر كيف دعا النبي صلّى الله عليه وسلّم على مضر لما آذوه وعادوه؟ فقال في كلمات مختصرات:«اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها سنين كسنين يوسف» .