للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشبع، ولا يشاركه أحد، ولما علمت أن أهل الخندق قد دعوا كلهم جميعا غضبت من زوجها، وظنت أنه لم يخبر النبي بقلة الطعام.

[الفائدة الخامسة:]

بركة بصق النبي في الطعام وبركة دعائه، مع أن البصق يتعففه الناس، ولكن الصحابة لم يكونوا يتعففون من شيء يخص النبي؛ لعلمهم ببركته حتى النخامة.

٦- نسيانه صلى الله عليه وسلم:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد. فقال: «رحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهنّ من سورة كذا وكذا» ، وزاد عبّاد بن عبد الله عن عائشة:

(تهجّد النّبيّ صلى الله عليه وسلم في بيتي، فسمع صوت عبّاد يصلّي في المسجد. فقال: «يا عائشة أصوت عبّاد هذا؟» قلت: نعم. قال: «اللهمّ ارحم عبّادا» «١» .

الشّاهد في الحديث: قوله صلى الله عليه وسلم: «رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا وكذا» . وقد أردت بهذا الباب إثبات (نسيانه صلى الله عليه وسلم) ؛ لبيان أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتريه ما يعتري البشر، من صفات النقص البشري، وهو النسيان، وأن هذا ليس عيبا فيه صلى الله عليه وسلم لأنه لا يؤثر على تبليغه شرع الله- سبحانه وتعالى- وأنه صلى الله عليه وسلم يشارك البشر في كل صفات البشرية، إلا ما ورد الدليل على اختصاصه بعكس تلك الصفة، مثل: رؤيته من خلف ظهره، وعدم نوم قلبه، وغير ذلك مما ورد في مواضع كثيرة متفرقة في هذا الكتاب وغيره، وليس هذا هو الموضع الوحيد الذي ثبت فيه نسيانه صلى الله عليه وسلم بل هناك مواضع أخرى، فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة، يؤم الناس ثم تذكر أنه جنب، فدخل فاغتسل وانتظره الصحابة على هيئتهم- أي وقوفا- قد اعتدلت صفوفهم حتى خرج إليهم صلى الله عليه وسلم بعد ما اغتسل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه:

(أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج، وقد أقيمت الصّلاة، وعدّلت الصّفوف حتّى إذا قام في مصلّاه انتظرنا أن يكبّر انصرف قال: على مكانكم، فمكثنا على هيئتنا حتّى خرج إلينا ينطف رأسه ماء، وقد اغتسل) «٢» .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

جواز نسيان النبي صلى الله عليه وسلم بعض آيات القرآن الكريم، ولكن لا تمحى


(١) البخاري، كتاب: الشهادات، باب: شهادة الأعمى وأمره ونكاحه ... ، برقم (٢٦٥٥) .
(٢) البخاري، كتاب: الأذان، باب: هل يخرج من المسجد لعلة، برقم (٦٣٩) ومسلم، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: متى يقوم الناس للصلاة، برقم (٦٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>