عصوه، ويؤملهم في رحمة الله- سبحانه وتعالى- إن هم أطاعوه وأنابوا إليه.
٧- إثبات صفتين هما أحسن ما يكون من الصفات الزكية، وهو أنه صلّى الله عليه وسلّم سراج ومنير، فهو الذي أضاء الله به الدنيا بعد شدة الظلمة، وأشاع به العلم بعد غياهب الجهل، فأنار به طريق العابدين، وهدى به قلوب العارفين، وشرح به صدور العالمين، فصلى الله عليه وسلّم إلى يوم الدين. ولا يكون النبي صلّى الله عليه وسلّم سراجا منيرا ويثني الله- تبارك وتعالى- عليه بذلك إلا إذا بلغ صلّى الله عليه وسلّم الكمال في نفسه وفيما جاء به، وهذا هو الواقع والمشاهد، فقد كان صلّى الله عليه وسلّم طيبا طاهرا في نفسه (طيب اللسان، زكي النفس، طاهر القلب، ودودا رحيما تقيّا نقيّا) مع كمال كل ما جاء به ودعا إليه من كتاب كريم، وسنة شريفة، وعقائد سليمة، وشرائع حكيمة، وأحكام بلغت المنتهى في الإتقان والإحكام؛ لأن السراج لا يكون منيرا يذهب عن الناس ما هم فيه من ظلمة ويغنيهم عما سواه، إلا إذا كان زجاجه جيدا وفتيله وزيته كذلك.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في شرح السراج المنير:(أي وأمرك ظاهر فيما جئت به من الحق كالشمس في إشراقها وإضاءتها لا يجحدها إلا معاند)«١» .
الفائدة الثّانية:
ذمت الآية الكريمة كل من لم يؤمن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وكل من لم يصدق بكتابه أو يهتدي بسنته أو يسلم بشرعه، وهذا مما ذمته الآية أبلغ الذم، إذ كيف يعمى الإنسان عن رؤية السراج المنير أو كيف يجادل فيه، وهو ظاهر بين، وهو ظاهر في نفسه وظاهر في أثره، لا شك أنه لا يماري في السراج المنير إلا من ختم الله على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة، أو من كان عنده حظ وافر من العناد والكبر، فرأى الحق باطلا والباطل حقّا، ورأى شدة الظلام نورا، ورأى النور الساطع ظلاما حالكا.
الفائدة الثّالثة:
ظهور حاجة العباد في كل مكان، والبلاد في كل زمان، إلى هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم والتمسك بسنته واقتفاء أثره، حتى يضمنوا لأنفسهم وجود السراج المنير، الذي ينير لهم الطريق ويوضح لهم السبيل.
ويتفرع عليه: علمنا بما كان عليه الناس قبل بعثته الميمونة صلّى الله عليه وسلّم، قال الشيخ السعدي رحمه الله: «وذلك يقتضي أن الخلق كانوا في ظلمة عظيمة لا نور يهتدي به في ظلماتها، ولا علم يستدل به في جهالاتها، حتى جاء الله بهذا النبي الكريم فأضاء الله به