للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا بقدر ما اكتسبه من الآثام، قال- تعالى-: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ [النّور: ١١] . وفي هذا إشارة إلى عدم استوائهم جميعا في مقدار الإثم، ودليله قوله- تعالى- في تمام الآية: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ [النّور: ١١] ، ففرّق بين أول من تكلم بالإفك وحرص على إشاعته وبين من نقله لقلة تقواه أو لذهوله عما كان يجب عليه أن يفعله إزاء هذا الإفك.

[الفائدة الرابعة:]

بيان واسع فضل الله ورحمته لعموم المؤمنين، وأن هذا الفضل وتلك الرحمة لا يعدمها أصحاب المعاصي والآثام مهما بلغت ذنوبهم، إن هم تابوا وأقلعوا.

[الفائدة الخامسة:]

لم تذكر الآيات الكريمات اسم عائشة- رضي الله عنها-، للإشارة إلى أن تعظيم أمر الإفك لم يكن بسبب شخص عائشة- رضي الله عنها-، ولكن لأن الحادثة تتعلق بإحدى زوجات النبي صلّى الله عليه وسلّم، فهذا التهديد والوعيد ينسحب على كل من يتكلم على أي واحدة منهن، فهن في ميزان الشرع سواء، بل إن الطعن في عرض واحدة كالطعن في عرضهن جميعا، ولذلك فضلت أن أذكر في التعليق على الآيات، (أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم) بصيغة الجمع، ترسيخا لهذا الأصل.

[الفائدة السادسة:]

يجب على كل مسلم أن يظن بإخوانه خيرا كما يظن بنفسه سواء بسواء، وأن يغضب لعرض أخيه كما يغضب لعرض نفسه، لقوله تعالى: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً [النّور: ١٢] . وهذا المسلك يسهل على المؤمن إذا تذكر ما رواه البخاري، عن أنس رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه» «١» . ويؤخذ من الآية أيضا أن المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولى ببعض.

[الفائدة السابعة:]

قد يطلق الظن في القرآن في حق العباد، ويراد به اليقين، لقوله- تعالى-: ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ [النّور: ١٢] .

[الفائدة الثامنة:]

نصاب الشهود في حد الزنا أربعة شهداء، فمن شهد على أحد بالزنا ولم يكن معه هذا النصاب يقام عليه حد القذف.

[الفائدة التاسعة:]

ذم من يتكلم بلسانه ويقول بفيه ما ليس له به علم، والتحذير الشديد من ذلك؛ لقوله تعالى: وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ [النّور: ١٥] .

[الفائدة العاشرة:]

الفقه في الدين وتعلّم الحلال والحرام هو الذي يقي الإنسان-


(١) رواه البخاري، كتاب: الإيمان، باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، برقم (١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>