أن شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأمة لم تقتصر على الأطفال والخدم، وعموم المسلمين، بل تعدت لتشمل من جاء تائبا من أهل الكبائر، وسنرى كيف كان تعامله صلى الله عليه وسلم مع هذه الفئة من الناس.
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
في مظاهر شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بمن تاب بعد أن ارتكب كبيرة من أكبر الكبائر، وكذا حكمته في التعامل مع الواقعة.
١- لم يوجه النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أدنى توبيخ ولم يعنفها، بل لم يلمها على ما فعلت، لأن المرأة قد تابت، فلا ينبغي أن نذكرها بما تكره، لعدم وجود أدنى مصلحة في ذلك، وهذا يدل على بالغ حكمته صلى الله عليه وسلم.
٢- لم يسأل المرأة عن اسم الرجل الذي واقعها، وهذا يدل على أن العفو يجب أن يقدم عند الإمام على إقامة الحد، ما لم يبلغه الخبر، كما أن الستر أولى من الفضيحة، وقد يكون الرجل قد تاب أيضا.
ويتفرع على ذلك: وجوب عدم تتبع عورات الناس من باب أولى.
٣- كما أن من حكمته وشفقته صلى الله عليه وسلم أيضا، أنه لم يردها وحدها حتى تضع حملها، بل دعا وليها، ليكون مسئولا عنها، تلك الفترة، وأمره بالإحسان إليها، وهو أمر جامع، يتضمن كل أوجه الخير الذي يمكن أن يفعله الولي، وهي في أحوج ما يكون لذلك الإحسان، لاحتمال تعرضها لأذى من قرابتها، وحرمان من النفقة.
٤- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على حماية الجنين الذي في بطن المرأة، فأجل الحد إلى ما بعد الولادة، وفي ذلك إعلان منه صلى الله عليه وسلم بتبرئته، وأنه لا يؤخذ بذنب أمه.
٥- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ستر المرأة أثناء إقامة الحد عليها، وعمل ما يضمن ذلك، قال الراوي:(فشكّت عليها ثيابها) ، مع أن المقام نستبعد فيه أن ينظر أحد إلى المرجومة بشهوة، لكن العورات يجب حفظها في كل حال، وفيه لفتة إلى وجوب الستر من باب أولى وأولى في غير هذا الموضع.
٦- صلاته صلى الله عليه وسلم على المرأة التائبة بعد وفاتها، وقد استعظم عمر رضي الله عنه تلك الصلاة، لأنه يعلم أن صلاته صلى الله عليه وسلم سكن ورحمة للمسلمين، في حياتهم وبعد مماتهم، فعلل له النبي صلى الله عليه وسلم سبب الصلاة، وهو التوبة النصوح للمرأة.