للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: خذ خاتمك انتفع به. قال: لا والله لا آخذه أبدا، وقد طرحه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «١» .

[الشاهد في الحديث:]

قول الصحابي: (لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) .

ويتبين وجه الطاعة المطلقة للصحابة مع التعظيم لأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم من الأمور التالية التي تستفاد من الحديث:

١- عدم مناقشة الصحابي للنبي صلّى الله عليه وسلّم في سبب تحريم الذهب على الرجال، مع أنه يحلّ للنساء.

٢- عدم قيام الصحابي بتبرير فعله للبس الذهب بقوله مثلا: (ما كنت أعلم أنه حرام) ، أو (لو كنت أعلم أنه حرام ما لبسته) ، مع ملاحظة شدة إنكار النبي صلّى الله عليه وسلّم على لبس الرجل للذهب والذي يتمثل في النزع (وهو الخلع بشدة) ثم الطرح على الأرض، ومن قبل ذلك تشبيه الخاتم بجمرة النار، فقد جمع صلّى الله عليه وسلّم بين الإنكار الشديد باليد وكذلك الإنكار باللسان، ومع ذلك ظهر الأدب المطلق للصحابي في أجمل صورة.

ويتفرع عليه سوء أدب من يسمع مثل ذلك الحديث ويعلم شدة إنكار النبي صلّى الله عليه وسلّم على لبس الذهب ولو كان أقل شيء وهو الخاتم، ومع ذلك يصرّ على لبسه بحجج واهية، قال الإمام النووي- رحمه الله-: (فيه المبالغة في امتثال أمر رسول صلّى الله عليه وسلّم واجتناب نهيه وعدم الترخص فيه بالتأويلات الضعيفة) «٢» .

٣- بغض الصحابي القاطع لأخذ الخاتم بعد أن ألقاه النبي صلّى الله عليه وسلّم على الأرض، وهذا هو أظهر ما في الحديث على تعظيم الصحابة لأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم مع ضرورة أن نلتفت إلى بعض اللفتات الجميلة في الحديث؛ ليظهر المقصود أكثر وأكثر وتكون الصورة أوضح وأجلى:

أ- ليس هناك ما يمنع شرعا من بيع خاتم الذهب أو الانتفاع به أو حتى ادخاره لوقت الحاجة، وهذا لا خلاف فيه، وهو واضح من نص الحديث، قال الإمام النووي- رحمه الله: (ولو كان صاحبه أخذه لم يحرم عليه الأخذ والتصرف فيه بالبيع وغيره) .

ب- حث الصحابة- ممن حضر الحادثة- الرجل على التقاط الخاتم وبينوا له جواز الانتفاع به، ومع ذلك لم يفعل.


(١) مسلم، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم خاتم الذهب على الرجال ... ، برقم (٢٠٩٠) .
(٢) انظر «شرح النووي على صحيح مسلم» ، (١٤/ ٦٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>