للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصغائر والكبائر، ولا شك أن الذي ثبتت له العصمة في كل شيء، يثبت له الكمال البشري في كل أحواله، وهذا ما أردت إثباته، فلله الحمد والمنة، على عصمة نبينا صلّى الله عليه وسلّم.

[وإليك بعض فوائد الآية:]

[الفائدة الأولى:]

تزكيد النبي بالغ التزكية، من الوجوه التالية:

١- إثبات أن كل ما صدر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في العادات والعبادات، في الأمر والنهي، في القول والفعل، في الجد والضحك، في الرضا والغضب، في النوم واليقظة، في الأكل والشرب، في الحل والترحال، لنا فيه قدوة وأسوة، لأن الآية لم تحدد مجال الأسوة، فلم تقل: لقد كان لكم في عبادات رسول الله أسوة حسنة، ولكن جعلت الآية الأسوة في كل شخصه الكريم صلّى الله عليه وسلّم، من شعر رأسه حتى أخمص قدميه، من أول حياته حتى مماته صلّى الله عليه وسلّم، في كل ما تفوه به في كل حالاته، فهو في نفسه بكل ما فيه أسوة.

٢- افتتحت الآية الكلام بمؤكد، وهو لَقَدْ والتي تفيد التحقق، وكانَ التي تفيد ثبوت الأمر.

٣- جعلت الآية كل ما فعله النبي صلّى الله عليه وسلّم موافقا للصواب، بل نزهت كل تلك الأفعال عن الخلل، حيث وصف الله الأسوة بأنها حسنة، وحاشا لله، أن يصف ما فيه خلل بالحسن.

٤- يتفرع على ما سبق، أن كل أفعال الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ظاهرة وباطنة، مقبولة عند الله- سبحانه وتعالى-.

٥- ذكرت الآية أن في النبي صلّى الله عليه وسلّم أسوة حسنة، لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، فليست تلك الأسوة لأي أحد، فهذه أبلغ تزكية لصاحب الأسوة، أن يقتفي أثره من حقق الإيمان بالله واليوم الآخر.

[الفائدة الثانية:]

التهديد الشديد لمن يطعن في أي شيء من سنة النبي صلّى الله عليه وسلّم، قولية أو فعلية، أو يطعن في شيء يخص عاداته أو عباداته، لأن كل أحواله صلّى الله عليه وسلّم مزكاة من الله- عز وجل-، فمن طعن في شيء منها، فقد رد تزكية الله، أو ادعى أن الله قد زكى ما يستحق الذم، أو أن الله لم يطلع على ما يستحق الطعن من أفعاله صلّى الله عليه وسلّم، وننزه الله من كل ذلك.

فعلى كل مسلم، أن ينتبه لهذه الأمور عند الحديث عن سنة خير الأنام، ونخشى على من يتعرض لها بأدنى أدنى لمز أو غمز، أو لم يرض بها كمنهج للحياة، أو يحكم عليها بعدم ملاءمتها لظروف العصر، نخشى عليه سوء الخاتمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>