للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفائدة الرابعة:]

تسلية كل من يتعرض للإيذاء في سبيل الله، وأن هذا سبيل الأنبياء، الابتلاء والصبر على الإيذاء، وتكفل الله أن تكون العاقبة لهم ولأتباعهم.

[الفائدة الخامسة:]

في أبي جهل وأصحابه:

١- الذي يباشر المعصية، أعظم خطرا، وأكبر وزرا، من الذي يدل عليها أو يرضى بها، فأبو جهل هو الذي اقترح إلقاء سلا الجزور، وبقية القوم رضوا عن هذا العمل وضحكوا منه، ولكن راوي الحديث، حكم على عقبة بن أبي معيط، أنه أشقى القوم؛ لأنه هو الذي باشر تلك الفعلة.

٢- يعلم كفار قريش، خاصة المدعو عليهم، أن لهذا الكون إلها، حيث ورد في رواية البخاري (فشق عليهم إذ دعا عليهم) ، دل ذلك على إيمانهم بالرب سبحانه وتعالى، وأنه يسمع الدعاء ويلبي النداء، وينتصر للمظلوم.

٣- علم هؤلاء الأشقياء صدق نبوة الرسول، لأنهم خافوا أن يستجيب الله دعاءه، ولولا يقينهم بأنه رسول الله حقّا ما خافوا دعاءه لأن الله عز وجل لا يستجيب دعاء من يكذب عليه، ويدعي النبوة.

٤- تعظيم الكفار لبيت الله الحرام، وأنهم يرون فضله وشرفه على بقية البقاع، حيث ورد في رواية البخاري: (وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة) «١» .

[الفائدة السادسة:]

جواز الدعاء على الكافرين بالهلاك وسوء الخاتمة، مع تعيين أسمائهم، وإن كان الرسول قد دعا لبعض الكافرين بالهداية، فنتعلم من ذلك أن النبي كان يرجح بين المصالح والمفاسد، ويختار الأصلح في كل واقعة، وهذا يدل على حكمته وتوسّطه في الأمر.

[الفائدة السابعة:]

سفاهة الكافرين، وخفة عقولهم، حيث استعجلوا نزول العذاب من الله، بالتطاول على النبي صلى الله عليه وسلم بالاستهزاء والإيذاء، وكان من العقل والحكمة، حتى وإن كفروا، ألا يبالغوا في العداوة والبغضاء، ويجعلوا لأنفسهم مجالا للعودة والتوبة، بدلا من أن يحكموا على أنفسهم في فترة الإمهال بسوء الخاتمة، ولكن انطبق في حقهم قوله تعالى: أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ [الشعراء: ٢٠٤] .

يتفرع على ذلك، أن على كل مسلم، أن يأخذ من الحديث الدرس والعبرة، فلا


(١) رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب: إذا ألقى على ظهر المصلي قذر أو جيفة، برقم (٢٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>