للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- أدبه الجم صلى الله عليه وسلم مع مقام الألوهية، حيث قال صلى الله عليه وسلم في أدب رفيع عن درجة الوسيلة:

«لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو» . مع أنه صلى الله عليه وسلم يعلم أنه أحب العباد إلى الله وأقربهم منه منزلة يوم القيامة، ولكنه الأدب الذي يليق بمقامه صلى الله عليه وسلم.

٤- حسن تعبده صلى الله عليه وسلم لله رب العالمين وشعوره الدائم بالافتقار إلى خالقه ومسدي النعم إليه- عز وجل-، حيث لم يركن إلى عمله، بل سأل كل أحد من أمته أن يدعو الله له بإحراز تلك المرتبة العالية الرفيعة في الجنة.

٥- عظيم ما أعده الله- سبحانه وتعالى- لنبيه المختار المجتبى صلى الله عليه وسلم في دار كرامته، فإذا كان الله- تبارك وتعالى- أعد لعموم عباده المؤمنين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فماذا أعد- سبحانه وتعالى- لمن كان السبب في هداية هؤلاء العباد المؤمنين، فماذا أعد الله لمن ثقلت موازينه بأجور متساوية مع أجور الأمة بأكملها ويزيد. والله إن العقل ليقصر عن تصوّر ذلك.

[الفائدة الثانية:]

ليست الجنة كلها منزلة واحدة، بل هي منازل، وأعلاها درجة الوسيلة، التي لا تنبغي إلا للحبيب صلى الله عليه وسلم، وتلك المنازل متفاوتة جدّا، ودليله ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ في الجنّة مئة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدّرجتين كما بين السّماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنّه أوسط الجنّة وأعلى الجنّة» «١» .

[الفائدة الثالثة:]

ورد في هذا الحديث شروط يجب توفرها في هذا العمل لنيل شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم (ولقد اخترت فيها الأحوط من كلام العلماء) وهي:

١- الاستماع للأذان وترديده.

٢- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان.

٣- طلب الوسيلة للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد علّمنا النبيّ صلى الله عليه وسلم صيغة الدعاء في الحديث الذي رواه البخاري عن جابر بن عبد الله رضي عنهما الله: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النّداء: اللهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامّة والصّلاة القائمة آت محمّدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الّذي، وعدته، حلّت له شفاعتي يوم القيامة» «٢» . وهو بلا شك عمل قليل (في وقته


(١) البخاري، كتاب: الجهاد والسير، باب: درجات المجاهدين في سبيل الله، برقم (٢٧٩٠) .
(٢) البخاري، كتاب: الأذان، باب: الدعاء عند الأذان، برقم (٦١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>