فإنهن يسألن من وراء حجاب أي يكون بينكم وبينهن ستر يستر عن النظر لعدم الحاجة إليه فصار النظر إليهن ممنوعا بكل حال وكلامهن فيه التفصيل الذي ذكره الله) . انتهى «١» .
ولو قال الشيخ رحمه الله:(فإن لم يحتج إليه فلا حاجة إليه ويجب تركه) ، لكان أولى؛ لأن الآية تشعر أن الكلام مع أمهات المؤمنين- رضي الله عنهن- إنما يحل فقط في حالة الضرورة؛ كطلب متاع أو غيره، وهذا هو الأولى في تعظيمهن وصيانة حرمتهن.
[بعض فوائد الآية:]
[الفائدة الأولى:]
رفيع قدر أمهات المؤمنين- رضي الله عنهن- إذ أنزل الله فيهن قرآنا يوجه الأمة إلى الأمور التالية:
أ- تحريم سؤالهن ما احتيج إليه إلا من وراء حجاب، وهذا النهي لا يخص سؤالهن في حال كونهن في البيوت، لعدم التخصيص في الآية.
ب- عدم جواز الكلام معهن إلا لحاجة وإلا لما قيّدت الآية الكلام بسؤال المتاع.
ج- عدم جواز الدخول عليهن، لأنه إذا كان سؤال المتاع حراما إلا من وراء حجاب فالأولى تحريم الدخول عليهن.
د- الحكم بعدم جواز النظر إليهن بالكلية.
[الفائدة الثانية:]
حرص الشرع على طهارة قلوب المؤمنين والمؤمنات والحفاظ على سلامتها مما قد يصيبها من حب الفواحش، وأن وسائل الشر ومقدماته تأخذ نفس حكم مواقعة الشر، وهو التحريم، فكل ما من شأنه أن يفضي إلى حرام فهو حرام، وهذا من القواعد الحكيمة لشرعنا الحنيف.
[الفائدة الثالثة:]
خطأ من يدعي أنه يمكنه التبسط في الحديث مع الأجنبيات (أو المرأة مع الأجنبي) دون الوقوع في المحظور، بدعوى أن قلبه نظيف ومقصده شريف ولسانه عفيف وهي في محل أخته إلى آخر هذه الأقوال السخيفة التي يتذرع بها الشيطان لإيقاع المسلمين بسببها في الفواحش، والدليل على خطأ هذا الادعاء أن هذه الآية نزلت في حق أفضل الأمة قلوبا ونفوسا وألسنا ومع ذلك عللت الآية تحريم سؤال المتاع إلا من وراء حجاب لأجل سلامة القلب وطهارته.