للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنة، فأسرعوا عليها السير» ، ومن أوجه الرفق بالحيوان التي أمرنا بها الحديث الأمور التالية:

[الأمر الأول:]

المسافر في حال كثرة العشب والمرعى، عليه أن يقلل السير ليعطي الإبل، أو أي مركوب الفرصة لتأخذ حظها من المرعى، وفي حال القحط وهو قلة المرعى، على المسافر أن يجتهد في السير ليصل إلى غايته قبل أن يلحق الضرر والإعياء بالدواب من قلة المرعى.

[الأمر الثاني:]

كما أن المسافر إذا أراد التعريس، فعليه أن يجتنب صدر الطريق حيث تمشي فيه الدواب والسباع وغيرها من الحيوانات، تلتمس فيه طعامها مما يسقط من السالكين من طعام أو شراب.

[الأمر الثالث:]

يدل مفهوم الحديث على تحريم تعذيب الحيوان، كمن يتخذه هدفا يصوب عليه، ومن يحبسه بلا طعام ولا شراب، ومن يصطاده ليس بغرض الأكل بل لغرض التسلية، بل وصل بنا الأمر أن نترك الأطفال بل الشباب، يلعبون بهم أحياء ويعذبونهم حتى الموت، ونسينا ما ورد في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:

«دخلت امرأة النّار في هرّة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض» [رواه البخاري] «١» .

ومن دلائل الرفق بالحيوان، الحديث الذي يرويه شدّاد بن أوس قال: (ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان على كلّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبح، وليحدّ أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته» «٢» .

١١- زهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا:

عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت لعروة: ابن أختي «٣» إن كنّا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلّة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. فقلت: ما كان يعيشكم؟

قالت: الأسودان؛ التّمر والماء، إلّا أنّه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كان لهم


(١) البخاري، كتاب: بدء الخلق، باب: خمس من الدواب فواسق ... ، برقم (٣٣١٨) ، مسلم، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم تعذيب الهرة ... ، برقم (٢٢٤٢) .
(٢) مسلم، كتاب: الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب: الأمر بإحسان الذبح ... ، برقم (١٩٥٥) .
(٣) كلمة «ابن» منصوبة على النداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>