للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا بدليل من كتاب أو سنة، فلما انعدم الدليل عندها انعدمت الرؤية.

[الفائدة الخامسة:]

عظم خلق الملائكة، خاصة جبريل عليه السلام، وذلك من قوله:

«سادّا عظم خلقه ما بين السماء والأرض» ، ويتفرع على ذلك أن نعلم عظيم قدرة الله على الخلق والإيجاد، وإذا كنا لا نستطيع أن نتصور قدرته في خلق جبريل على هذا القدر من العظم، فكيف لنا أن نتصور ذاته أو حتى نتفكر فيها. فسبحان الله عما يقول الظالمون علوّا كبيرا.

[الفائدة السادسة:]

رؤية النبي لجبريل على هيئته التي خلقه الله بها، من صور إكرام الله سبحانه وتعالى لنبي هذه الأمة؛ لأن الآيات ذكرت هذه الرؤية في معرض الحديث عما تفضل الله به على نبيه، ومن ثمّ فقد أتيت بها ضمن شمائله صلى الله عليه وسلم.

١١- أعطي مفاتح خزائن الأرض:

عن عقبة بن عامر أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلّى على أهل أحد صلاته على الميّت ثمّ انصرف إلى المنبر فقال: «إنّي فرط لكم وأنا شهيد عليكم، وإنّي والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإنّي أعطيت مفاتيح خزائن الأرض- أو مفاتيح الأرض- وإنّي والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها» «١» .

[الشاهد في الحديث:]

قوله صلى الله عليه وسلم: «وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض» .

قال الإمام النووي- رحمه الله- وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن معناه الإخبار بأن أمته تملك خزائن الأرض وقد وقع ذلك، وأنها لا ترتد جملة، وقد عصمها الله من ذلك وأنها تتنافس في الدنيا، وقد وقع كل ذلك. انتهى «٢» .

وأقول: في الحديث بشرى عظيمة لأمة الإسلام، وهي أنها ستفتح كل أقطار المعمورة، بلا استثناء، وأعتقد أن ذلك بتمامه لم يقع بعد، فهناك بعض الأقطار لم يفتحها المسلمون.

كما أن في الحديث دلالة على منزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه من وجوه وهي:

١- إعطاؤه مفاتيح خزائن الأرض في حياته صلى الله عليه وسلم، مع أن هذه الفتوحات وهذا التمكين


(١) رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد، برقم (١٣٤٤) .
(٢) انظر شرح النووي على صحيح مسلم (١٥/ ٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>