الذي يعتاد أن ينام في مثل هذا الوقت كل ليلة مغبون.
[الفائدة الرابعة:]
حبّ الله- سبحانه وتعالى- أن يسأله العبد ويتضرع إليه وأن يظهر فقره وحاجته بين يدي مولاه وخالقه، لقوله تعالى: (من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟) ، ولولا حب الله- سبحانه وتعالى- أن ينشغل العباد بالسؤال والدعاء، ما حثهم على ذلك في أفضل الساعات.
[الفائدة الخامسة:]
أن من المقاصد العظيمة لهذا الدين الحنيف، تربية أفراد الأمة على ترك المألوف وكذا عدم الإكثار من لذات النفس وشهواتها المباحة، ودليله من الحديث أن الفضل العظيم الذي بشّر به الحديث الشريف لن يناله إلا من ترك فراشه في أجمل أوقات الليل وهو الثلث الأخير منه، خاصة في أوقات البرد القارص.
وفي الحديث أيضا أن العبد إذا أراد أن يرتقي الدرجات لا يجب عليه فقط أن يترك المحرمات والمكروهات ولكن يجب عليه أن يترك بعض حظوظ النفس، وأدلة ذلك كثيرة في الكتاب والسنة.
[الفائدة السادسة:]
بعض الفوائد التي نصّ عليها الإمام ابن حجر رحمه الله حيث قال:
(وفي الحديث من الفوائد تفضيل صلاة آخر الليل على أوله وتفضيل تأخير الوتر، لكن ذلك في حق من طمع أن ينتبه وأن آخر الليل أفضل للدعاء والاستغفار؛ ويشهد له قوله:
وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ، وأن الدعاء في ذلك الوقت مجاب، ولا يعترض على ذلك بتخلفه عن بعض الداعين لأن سبب التخلف وقوع الخلل في شرط من شروط الدعاء كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس أو الاستعجال الداعي أو بأن يكون الدعاء بإثم أو قطيعة رحم أو تحصل الإجابة ويتأخر وجود المطلوب لمصلحة العبد أو لأمر يريده الله) «١» .
٩- التخفيف الشرعي ورفع الأغلال التي كانت على الأمم السابقة:
قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ [البقرة: ٢٨٦] .
[شاهد على التخفيف في العبادات:]
عن عائشة رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره
(١) انظر «فتح الباري» ، (٣/ ٣٢) .