للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّنة كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية حقيقة أو حكما حتى الحركات والسكنات في اليقظة والمنام.

وبعد هذا التعريف أستفتح الكتاب بالصلاة والسلام على خير الأنام نبينا وحبيبنا سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم حيث قال ربنا جل في علاه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب: ٥٦] .

١- للرسول صلى الله عليه وسلم طاعة مستقلة:

إن من أعظم ما تقرب به المتقربون لربنا، جل وعلا، طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وامتثال أوامره واجتناب نواهيه؛ فإن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله، ومعصية الرسول من معصية الله- تعالى.، وقد أمرنا ربنا- جل وعلا- في كتابه العزيز باتباعه حيث قال- تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ [الحشر: ٧] .

[أولا: مدخل لفهم الآية:]

أمر الله عزّ وجلّ عباده المؤمنين بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم وألزمهم بها في مواضع كثيرة من القرآن العظيم، وكذا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فيما أوحاه الله إليه من الحكمة، وهذا الأمر معلوم في الدين بالضرورة لا يسع أحدا إنكاره، ولكن الذي أحب أن يعلمه الناس في هذا الموضع، وهو مدخل لفهم عنوان الباب، أن الأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم جاء في القرآن على ثلاثة أضرب:

[الضرب] الأول:

أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم داخلة ضمنا في طاعة الله عزّ وجلّ:

قال- تعالى-: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ [آل عمران: ٣٢] ، وتلك الطاعة تمثل الانقياد لما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أوامر قد أمر بها الله عزّ وجلّ، مثل عموم الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج والصوم وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

[الضرب] الثاني:

وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما شرعه الله من أمر ونهي وتحريم وحلال:

فقد جاءت السنة الشريفة لتبين مجمل الكتاب وتوضح ما اشتمل عليه من الأوامر، بل وتخصص عمومه، يدلنا على ذلك، قوله- تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء: ٥٩] ، فالسنة هي التي بينت أركان الصلاة وواجباتها وسننها ونواقضها ومكملاتها، وليس في القرآن شيء من ذلك، وكذلك فرائض الصيام والزكاة والحج، وقد تأتي السنة بما يخصص عموم القرآن، كقوله- تعالى-: وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>